responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 148
لِذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْجَوَابَ الثَّانِيَ تَسْلِيمِيًّا وَجَعَلَ مَدَارَ التَّسْلِيمِ جِنْسَ مَا ذُكِرَ فَافْهَمْ.
(وَثَالِثًا أَنَّ الْمَنْعَ عَنْ التَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ مُعَلَّلٌ) فِي الشَّرْعِ (بِعِلَّتَيْنِ) إحْدَاهُمَا (لَمِّيَّةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْبُرْهَانَ إمَّا لَمِّيٌّ إنْ كَانَ الِاسْتِدْلَال مِنْ الْعِلَّةِ إلَى الْمَعْلُولِ وَإِمَّا إنِّيٌّ إنْ كَانَ الْمَعْلُولُ إلَى الْعِلَّةِ، وَإِنْ شِئْت قُلْت إنْ كَانَ الْوَسَطُ عِلَّةً فِي الذِّهْنِ وَالْخَارِجِ فَلَمِّيٌّ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّهْنِ دُونَ الْخَارِجِ فَإِنِّيٌّ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالنَّارِ عَلَى الدُّخَانِ فِي اللَّمِّيِّ وَبِالدُّخَانِ عَلَى النَّارِ فِي الْإِنِّيِّ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ.
وَ (هِيَ الْإِفْضَاءُ) أَيْ الْإِيصَالُ (إلَى إهْلَاكِ النَّفْسِ) الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] ، فَإِنَّ التَّشْدِيدَاتِ الصَّعْبَةَ رُبَّمَا تُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي دَوَامِ تَرْكِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَدَوَامِ السَّهَرِ (أَوْ إضَاعَةِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ (لِلْغَيْرِ) وَهُوَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ عِيَالِهِ وَأَوْلَادِهِ (أَوْ تَرْكِ الْعِبَادَةِ) لِضَعْفِ الْبَدَنِ وَفَسَادِ الْبِنْيَةِ فَمَا يُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ فَحَرَامٌ (أَوْ تَرْكِ مُدَاوَمَتِهَا) كَتَرْكِ مُدَاوَمَةِ الْجَمَاعَةِ لِضَعْفِ الْبَدَنِ النَّاشِئِ مِنْ إفْرَاطِ الْعِبَادَةِ.
(وَ) ثَانِيَتُهُمَا (آنِيَةٌ) ، وَقَدْ عُرِفَتْ آنِفًا (هِيَ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرْسِلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] فَلِذَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا وَمِنْ رَحْمَتِهِ وَشَفَقَتِهِ أَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَى جُمْلَةِ مَا يَنْفَعُهُمْ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ بَلْ كَانَ حَرِيصًا فِي هِدَايَتِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرْكِ شَيْءٍ مِمَّا يَنْفَعُهُمْ وَمِنْ رَحْمَتِهِ وَشَفَقَتِهِ طَلَبُ خِفَّةِ الصَّلَوَاتِ مِنْ خَمْسِينَ إلَى خَمْسٍ وَكَانَ يَغْضَبُ مِنْ سُؤَالِ الْأَحْكَامِ الشَّاقَّةِ مَخَافَةَ نُزُولِ مَشْرُوعِيَّتِهَا قَائِلًا اُتْرُكُونِي مَا تَرَكَتْكُمْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] .
قَالَ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» (وَ) هُوَ (مُؤَيَّدٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقْوَى) أَيْ يَقْدِرُ (عَلَى مَا) مِنْ الطَّاعَاتِ الشَّاقَّةِ (لَا يَقْوَى عَلَيْهِ آحَادُ الْأُمَّةِ) إذْ شَأْنُ مَنْ كَانَ مُؤَيَّدًا مِنْ عِنْدِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَمَّلَ لَهُ الْمَحَاسِنَ خَلْقًا وَخُلُقًا وَجَمَعَ لَهُ الْفَضَائِلَ الدِّينِيَّةَ كُلَّهَا نَسَقًا
فَإِنْ قِيلَ التَّحَمُّلُ بِالْمَشَاقِّ الْبَدَنِيَّةِ وَلَوْ لِلْعِبَادَةِ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ التَّأْيِيدِ الْإِلَهِيِّ حَتَّى يَصِحَّ تَفْرِيعُهُ عَلَيْهِ قُلْت حَاصِلُ ذَلِكَ الْجَوَابُ رَاجِعٌ إلَى مُقَاسَاةِ مِحَنِ الطَّاعَةِ مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ الدِّينِيِّ وَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ لُزُومِ الْقُوَّةِ الْبَدَنِيَّةِ كُلُّ مَا يُكْمِلُ بِهِ عَادَةً وَيُعَدُّ مِنْ كَمَالِ الْإِنْسَانِ عُرْفًا فَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الشِّفَاءِ (وَأَنَّهُ أَخْشَى النَّاسِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَأَتْقَاهُمْ) .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] (وَأَعْلَمُهُمْ بِاَللَّهِ) ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الْعَلِيَّةِ (فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْبُخْلُ) ؛ لِأَنَّ الْخَشْيَةَ نَافِيَةٌ لَهُ (وَتَرْكُ النُّصْحِ) كَأَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلْبُخْلِ وَأَنَّ مُوجِبَ كَوْنِهِ رَحْمَةً أَنْ يُوَضِّحَ كُلَّ مَا يَنْفَعُ لِلْأُمَّةِ (وَلَا التَّوَانِي) أَيْ الضَّعْفُ وَالْفُتُورُ فِي إتْيَانِهِ وَتَبْلِيغِهِ لَكَانَ تَقَوِّيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا التَّكَاسُلُ) ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ خَشْيَةٌ رَبَّانِيَّةٌ لَا يَتَكَاسَلُ فِي طَرِيقِهِ سِيَّمَا مَنْ كَانَ لَهُ وُسْعٌ وَتَقْوَى فَالتَّوَانِي مِمَّنْ لَهُ ضَعْفٌ فِي ذَاتِهِ وَالتَّكَاسُلُ مِمَّنْ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 148
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست