responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 138
وَدِدْت» أَحْبَبْتُ «أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةَ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» الظَّاهِرُ مِنْ الرُّخْصَةِ هُوَ صَوْمُ دَاوُد وَالْخَتْمُ فِي سَبْعٍ بِقَرِينَةِ عَدَمِ قَنَاعَتِهِ بِالْمَرَاتِبِ الْأُوَلِ فَيَضْعُفُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ وَالْخَتْمِ فِي الشَّهْرِ بِقَرِينَةِ الْخِفَّةِ، فَإِنَّهُمَا أَخَفُّ الْكُلِّ، فَإِنْ قِيلَ تَشْرِيعُ الْحُكْمِ ابْتِدَاءً لَيْسَ إلَّا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَتَعْيِينُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْمَرَاتِبِ بِلَا تَوَقُّفٍ إلَى الْوَحْيِ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ قُلْنَا قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ تَفْوِيضَهُ تَعَالَى بَعْضَ الْأَحْكَامِ إلَى رَأْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَائِزٌ عِنْدَ الْبَعْضِ وَيَجُوزُ فَهْمُهُ مِنْ نُصُوصِ الْقُرْآنِ بِمَا لَا يَفْهَمُهُ الْغَيْرُ وَيَجُوزُ بِإِلْهَامٍ وَوَحْيٍ غَيْرِ مَتْلُوٍّ كَإِخْبَارِ جَبْرَائِيلَ قَبْلُ أَوْ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا السِّيَاقِ يُشْعِرُ بِلُزُومِ عِبَادَةٍ نَافِلَةٍ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ لَوْ تَرَكَهَا يَكُونُ مُعَاقَبًا.
وَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ فَلِمَ لَا يَجُوزُ تَرْكُ عِبَادَةٍ دَامَ عَلَيْهَا فِي صِغَرِهِ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَعِنْدَ ظُهُورِ الْمَوَانِعِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ «وَدِدْت» بِمَعْنَى تَمَنَّيْتُ إذْ كَمَا يَكُونُ الْوُدُّ بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ يَكُونُ بِمَعْنَى التَّمَنِّي كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَأْتِي بِآخِرِ مَا أَمَرَهُ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ صَوْمِ دَاوُد وَالْخَتْمِ فِي السَّبْعِ وَعِنْدَ كِبَرِ السِّنِّ وَضَعْفِ الْقُوَى تَمَنَّى أَوَّلَ مَا رَخَّصَهُ لَهُ مِنْ نَحْوِ صَوْمِ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ مَثَلًا وَمَا قِيلَ عَنْ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْتِزَامِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَفْضَلَ مِنْ صِيَامِ الدَّهْرِ وَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ فَمُخَالِفٌ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ» ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ مِنْ صَحَابِيٍّ مُخَالَفَةُ النَّبِيِّ وَكَيْفَ يُطْلِقُ عَلَيْهِ الْأَفْضَلِيَّةَ وَأَنَّهُ رَأْيٌ فِي مُقَابَلَةِ نَصٍّ، وَقَدْ قَالَ «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» .
(وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ «لَا صَامَ» صَوْمًا يُوجِبُ كَثْرَةَ ثَوَابٍ كَمَا يَظُنُّهُ الْآتِي فَالتَّفْسِيرُ بِأَنَّهُ لَا ثَوَابَ لِفِعْلِهِ أَيْ صِيَامِهِ أَصْلًا كَالتَّعْلِيلِ بِالْكَرَاهَةِ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ إذْ مَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ سِوَى الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ مُثَابٌ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَضْلًا عَنْ الْمَشَايِخِ تَرْجِيحُ صَوْمِ الدَّهْرِ عَلَى صَوْمِ دَاوُد «مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» أَيْ غَيْرَ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ فَهَذَا كَعَامٍّ خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ وَالْمُخَصِّصُ هُوَ الشَّرْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ لَمْ يُفِدْ هَذَا الْحُكْمُ شَيْئًا مُعْتَدًّا إذْ لَا يُرِيدُ عَبْدُ اللَّهِ شُمُولَ صَوْمِهِ لِتِلْكَ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَكُنْ مُقَابِلًا لِغَرَضِ عَبْدِ اللَّهِ بَلْ يَكُونُ مُوَافِقًا مَعَهُ فَظَهَرَ بُطْلَانُ جَعْلِ الْمَذَمَّةِ مِنْ شُمُولِ الصَّوْمِ لِلْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ.
وَأَيْضًا هُوَ إخْرَاجُ الْكَلَامِ مِنْ ذَوْقِ السَّوْقِ لَقَدْ أَصَابَ مَنْ قَالَ هَذَا بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْخَلْقِ لِلْإِشْفَاقِ وَلِلتَّقَوِّي عَلَى الْجِهَادِ وَالطَّاعَةِ وَإِلَّا فَمَنْ لَا يَلْحَقُهُ ضَعْفٌ وَفُتُورٌ وَلَا يُؤَدِّي إلَى فَوْتِ حَقٍّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعٌ أَقُولُ بَلْ لَهُ فَضْلٌ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ اكْتِسَابِ الصَّالِحَاتِ وَلِشُمُولِ نَحْوِ حَدِيثٍ وَأَنَّ أَمْرِي «ثَلَاثًا» كَرَّرَ هَذَا الْقَوْلَ ثَلَاثًا تَأْكِيدًا وَرَغْمًا لِلْمُخَالِفِ وَجْهُ التَّأْكِيدِ دَفْعُ تَوَهُّمٍ نَاشِئٍ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْعَمَلِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ حِينَ سُئِلَ عَنْ صِيَامِ الْأَبَدِ» يَعْنِي لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ بِالِاعْتِيَادِ لَيْسَ لَهُ صَوْمٌ وَلِوُجُودِ صُورَةِ الصَّوْمِ لَيْسَ لَهُ إفْطَارٌ.
وَنُقِلَ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يُضْعِفُهُ أَوْ يَصِيرُ طَبْعًا لَهُ وَمَبْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ ثُمَّ أَقُولُ قَدْ عَرَفْت أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَإِلَّا فَعَنْ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو «وَأَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ شِئْتَ فَصُمْ» فَقَرَّرَهُ خُصُوصًا فِي السَّفَرِ فَحَمْزَةُ وَأَيْضًا أَبُو طَلْحَةَ وَعَائِشَةُ وَخَلَائِقُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَرَدُوا الصَّوْمَ فَيَلْزَمُ تَأْوِيلُ مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ إمَّا بِفَوْتِ حَقٍّ أَوْ إيجَابِ ضَرَرٍ أَوْ لِشُمُولِ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ إنْ أَمْكَنَ.
قَالَ فِي شَرْحِ الشَّرْعِيَّةِ كَانَ يَصُومُهُ الصَّحَابَةُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ) عَنْهُ «وَكَانَ» عَبْدُ اللَّهِ «يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ» أَيْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ «السُّبْعَ» بِضَمٍّ فَسُكُونٍ «مِنْ الْقُرْآنِ» وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْهُ «بِالنَّهَارِ» يُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ لِيَحْفَظَهُ «وَاَلَّذِي يَقْرَأُهُ» مِنْ السُّبْعِ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست