responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 129
«فَقَالَ مَا هَذَا الْحَبْلُ» إمَّا اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ لِعَدَمِ مَحَلِّهِ أَوْ حَقِيقَةُ اسْتِفْهَامٍ يُسْأَلُ عَنْ سَبَبِهِ «قَالُوا» أَيْ الْعَارِفُونَ حَالُ الْحَبْلِ « (حَبْلٌ لِزَيْنَبِ) بِنْتِ جَحْشٍ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَبَطَتْهُ لِتَسْتَعِينَ بِهِ عِنْدَ الْفُتُورِ وَالضَّعْفِ فِي الصَّلَاةِ لِكَمَالِ حِرْصِهَا وَقُوَّةِ اهْتِمَامِهَا بِالصَّلَاةِ وَالْعِبَادَاتِ (فَإِذَا فَتَرَتْ) » مِنْ الْفُتُورِ بِمَعْنَى الضَّعْفِ «تَعَلَّقَتْ بِهِ» لَعَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ السُّقُوطِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ عِنْدَ إرَادَةِ الْقِيَامِ يَشْكُلُ أَنَّ صَلَاةَ النِّسَاءِ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ بِجَيِّدَةٍ وَأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمُجِيبِينَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ مَحَارِمِهَا وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْهُمْ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَعْرَفَ بِحَالِهَا مِنْهُمْ فَتَأَمَّلْ كُلَّ ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ الْوَجْهُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ.
«فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا» أَيْ لَا يُفْعَلُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً أَيْ لَا تَفْعَلِي يَا زَيْنَبُ «حُلُّوهُ» أَيْ الْحَبْلَ وَاطْرَحُوهُ «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ» أَيْ أَحَدٌ مِنْ شَأْنِهِ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَمَنْ خَصَّهَا بِقِيَامِ اللَّيْلِ لَعَلَّهُ تَبَادَرَ مِنْ الْفُتُورِ؛ إذْ أَكْثَرُ الْفُتُورِ يَكُونُ فِي اللَّيْلِ لِكَوْنِهِ أَوَانَ النَّوْمِ وَأَنَّ كَثْرَةَ الصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ لِكَثْرَةِ فَضْلِهِ؛ لِأَنَّ {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا} [المزمل: 6]- لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَالتَّقْيِيدُ تَغْيِيرٌ بَلْ تَبْدِيلٌ لَا يُرْجَعُ إلَيْهِ بِلَا تَعَذُّرٍ «نَشَاطَهُ» أَيْ حَالَ نَشَاطِهِ أَوْ عَلَى قَدْرِ نَشَاطِهِ إذْ لَا تَكْلِيفَ بِمَا لَا يُطَاقُ وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ عَدَمُ الطَّاقَةِ عَلَى حَالِهِ سِيَّمَا الْفَضَائِلِ «، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ» أَيْ لِيُؤَخِّرْ إلَى أَنْ يَزُولَ ذَلِكَ الْفُتُورُ الظَّاهِرُ فَلْيَقْعُدْ عَنْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ وَلْيَشْتَغِلْ بِطَاعَةٍ أُخْرَى؛ إذْ السَّآمَةُ وَالْفُتُورُ لَا يَكُونُ بِكُلِّ عَمَلٍ مَثَلًا إنْ حَصَلَ فُتُورٌ مِنْ الصَّلَاةِ فَلْيَنْتَقِلْ إلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ سَائِرِ الْأَذْكَارِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الْفَضَائِلِ.
وَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ بَلْ الرَّوَاتِبُ سِيَّمَا الْمُؤَكَّدَاتِ لَا يَقْعُدُ عَنْهَا لِلْفُتُورِ بَلْ لِفُتُورٍ بِالْكُلِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَأْخِيرِهِ بِوَقْتٍ يَزُولُ فِيهِ ذَلِكَ الْكَسَلُ مَعَ بَقَاءِ وَقْتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ حَالُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ إمَّا بِالْأَوْلَوِيَّةِ يَعْنِي دَلَالَةَ النَّصِّ أَوْ بِالْمُقَايَسَةِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا رُوِيَ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ لِلنَّوَوِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَيُنَاسِبُهُ مَا رُوِيَ فِي الْمُجْتَبَى وَالْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ تُكْرَهُ لَهُ التَّرَاوِيحُ. انْتَهَى. لَعَلَّ الْمُرَادَ حَالَ غَلَبَةِ النَّوْمِ فَيَدْفَعُ نَوْمَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ يَأْتِي التَّرَاوِيحَ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ صَنِيعَ النَّبِيِّ هَذَا مِنْ الْمَنْعِ وَالْحَلِّ وَالتَّعْلِيلِ وَالتَّأْكِيدِ يَقْتَضِي كَوْنَ النَّهْيِ لِلْحُرْمَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اسْتِغْرَاقُ الْأَوْقَاتِ بِالطَّاعَاتِ وَاسْتِيعَابُ الْأَحْوَالِ بِالْعِبَادَاتِ بَلْ إتْعَابُ النَّفْسِ وَقَهْرُهَا بِأَنْوَاعِ الْمُجَاهَدَاتِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمَشَايِخِ السَّادَاتِ حَرَامًا صِرْفًا وَهُوَ شَيْءٌ عَظِيمٌ لَا يَخْفَى وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْبِدَايَةِ لِتَعَسُّرِهِ عَلَى النَّفْسِ وَمَا لِلْمَشَايِخِ حَالَ النِّهَايَةِ لِعَدَمِ الْإِتْعَابِ لِرَسْخِ الْعِبَادَاتِ وَلِكَوْنِهَا كَالطَّبِيعَاتِ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ؛ لِأَنَّ بِدَايَةَ مَنْ تَنَوَّرَ بِأَنْوَارِ النُّبُوَّةِ سِيَّمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ أَعْلَى مِنْ نِهَايَاتِ الْغَيْرِ وَلَوْ سَلِمَ فَأَيْنَ تُتَصَوَّرُ الْحُرْمَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ.
أَقُولُ النَّهْيُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِذَاتِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ مُجَاوِرٍ إلَّا وَصْفًا لَازِمًا فَصَحِيحٌ مَكْرُوهٌ لَا بَاطِلٌ لَعَلَّ وَجْهَ النَّهْيِ هُوَ الْمَشَقَّةُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فَلَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ لَعَلَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ النَّهْيَ فِي مِثْلِهِ هُوَ الْإِرْشَادُ بِعَدَمِ لُزُومِ تِلْكَ الْمَرْتَبَةِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّشْرِيعِ فَلَوْ قَرَّرَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ لَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ الْوُجُوبُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ فِي فِعْلِ الرَّسُولِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ كَيْفِيَّتَهُ مِنْ الْإِبَاحَةِ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست