responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 125
عَلَيْهِ الْكُفْرَ.
قَالَ الْمُنَاوِيُّ بَعْدَ نَقْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَكَابِرِ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَكَذَا لَوْ لَامَهُ أَحَدٌ عِنْدَ إرَادَةِ تَزَوُّجِ مَا فَوْقَ امْرَأَةٍ قَالَ تَعَالَى {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] ثُمَّ اُخْتُلِفَ أَنَّ النِّكَاحَ عِبَادَةٌ أَوْ لَا بَلْ تَضْيِيعُ عِبَادَةٍ فَيَشْكُلُ عَلَيْهِ أَمْثَالُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ الْمَنْعُ فِيمَا دُونَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِثْبَاتُ عِنْدَ الِاسْتِحْبَابِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ أَثْقَلِ السُّنَنِ مَحْمَلًا وَأَصْعَبِ الْحُقُوقِ قَضَاءً وَأَعَمِّ الْأُمُورِ نَفْعًا وَأَجْزَلِ الْقَضَايَا أَجْرًا، فَإِنَّهُ بِمَوْضُوعِهِ لِلدِّينِ تَحْصِينٌ وَلِلْخَلْقِ تَحْسِينٌ وَفِيهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ الْمُعَرَّضَةِ لِلْآفَاتِ وَجَلْبٌ لِلْغِنَى وَالرِّزْقِ وَتَكْثِيرُ مَوَادِّ أَهْلِ التَّوْحِيدِ كَذَا فِي الْمُنَاوِيِّ

«فَمَنْ رَغِبَ» أَيْ أَعْرَضَ وَتَرَكَ يُقَالُ رَغِبَ عَنْهُ إذَا لَمْ يُرِدْهُ وَرَغِبَ فِيهِ أَرَادَهُ وَرَغِبَ إلَيْهِ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَبَابُهُ عَلِمَ «عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» إنْ كَانَ التَّرْكُ لِغَيْرِ اسْتِهَانَةٍ وَاسْتِحْقَارٍ فَمَعْنَى لَيْسَ مِنِّي لَيْسَ مِنْ أَهْلِ طَرِيقَتِي فِي شَرِيعَتِي، وَإِنْ لِأَجْلِ الِاسْتِخْفَافِ فَالْمَعْنَى لَيْسَ مِنْ الْمُصَدِّقِ بِي، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكْفُرُ، فَإِنْ قِيلَ: مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ مُنَافٍ لِحَاصِلِ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ نَحْوُ حَدِيثِ شِفَاءِ عِيَاضٍ «وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفِرَاشِ وَلَخَرَجْتُمْ إلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إلَى اللَّهِ لَوَدِدْت أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ» وَرُوِيَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ نَفْسِهِ وَهُوَ أَصَحُّ.
وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ أَتَتَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» .
وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيمَةً وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ يُطِيقُ» قُلْنَا لَا يَخْفَى أَنَّ نَحْوَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَا تُوجِبُ اسْتِغْرَاقَ عُمُومِ الْأَوْقَاتِ وَاسْتِيعَابَ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ غَايَتُهَا غَلَبَةُ جَانِبِ الطَّاعَاتِ وَالِاهْتِمَامُ بِهَا وَهُوَ لَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْ مَقْصُودِ هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ عَيْنُهُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا مِنْ الْخَوَاصِّ وَأَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ وَعَمَّنْ تَبِعَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيّ فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ قِيلَ كَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ مَا خَفَّفَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى - {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى} [المزمل: 20] وَكَذَا قَوْلُهُ - {طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1 - 2]- وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النَّهْيِ مَرْتَبَةُ إضْرَارِ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ الْمَطِيَّةُ وَمَرْتَبَةُ تَفْوِيتِ حَقِّ الْغَيْرِ وَإِلَّا فَتَرْكُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا وَالِانْقِطَاعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّقَاعُدُ لِعِبَادَتِهِ فَمَمْدُوحٌ مَرْغُوبٌ إلَيْهِ.
وَقَدْ يُقَالُ الْعِبَادَاتُ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى حَسَبِ الْعَابِدِينَ إذْ الْعَوَامُّ لَيْسُوا بِمُكَلَّفِينَ بِعِبَادَاتِ الْخَوَاصِّ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَرْتَبَةِ " حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ (وَزَادَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ.
«وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ» خ م " عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا «أَنَّهُ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قِيلَ لَمْ يَقُلْ فَعَلَ لِمَا فِي الصُّنْعِ مِنْ الْإِحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّرَوِّي وَالْفِكْرِ «شَيْئًا» قِيلَ لَعَلَّهُ مِنْ الْمَآكِلِ اللَّذِيذَةِ أَقُولُ ذَلِكَ إمَّا مِنْ كَوْنِ تَنْكِيرِ شَيْئًا لِلتَّعْظِيمِ بِقَرِينَةِ تَنَزُّهِ الْقَوْمِ أَوْ مِنْ تَعَلُّقِ الصُّنْعِ بِهِ «وَرَخَّصَ فِيهِ» أَيْ فِي الشَّيْءِ أَيْ حَكَمَ بِالرُّخْصَةِ تَخْفِيفًا وَلِرَفْعِ الْحَرَجِ «فَتَنَزُّهٌ» أَيْ امْتَنَعَ «عَنْهُ» أَيْ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي صَنَعَهُ وَرَخَّصَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَوْمٌ» مِنْ الصَّحَابَةِ إيثَارًا لِلْإِعْرَاضِ عَنْ الدُّنْيَا وَمَنْعًا لِلنَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا وَهَوَاهَا، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ مِنْ الصَّحَابَةِ الِامْتِنَاعُ عَمَّا صَنَعَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ أُمِرُوا بِمُتَابَعَتِهِ وَنُهُوا عَنْ مُخَالَفَتِهِ قُلْنَا لَعَلَّهُمْ ظَنُّوا الْعَزِيمَةَ فِيمَا فَعَلُوهُ كَمَا يُؤَيِّدُهُ لَفْظُ رَخَّصَ مِنْ الرَّاوِي، وَإِنْ لَمْ يُلَائِمْهُ ظَاهِرُ مَا سَيَذْكُرُ.
وَأَمَّا

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست