responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 108
حُكِيَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَرِدُ عَلَى الضَّمَائِرِ إنْ مِنْ الْمَلَكِ فَإِلْهَامٌ، وَإِنْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَخَاطِرٌ حَقٌّ، وَإِنْ مِنْ الشَّيْطَانِ فَوَسْوَاسٌ، وَإِنْ مِنْ النَّفْسِ فَهَوَاجِسُ أَوْ حَدِيثُ النَّفْسِ كَمَا فِي الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ وَفِي حَلِّ الرُّمُوزِ أَيْضًا وَعَلَامَةُ كُلِّ قِسْمٍ فَمَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْعِلْمِ أَيْ الظَّاهِرِ فَمِنْ الْمَلَكِ وَلِذَا قِيلَ كُلُّ خَاطِرٍ لَا يَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرٌ فَبَاطِلٌ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعَاصِي فَمِنْ الشَّيْطَانِ وَمَا يَدُلُّ عَلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ وَاسْتِشْعَارِ الْكِبْرِ وَسَائِرِ مَا هُوَ مِنْ أَوْصَافِ النَّفْسِ فَمِنْ النَّفْسِ وَالْفَرْقُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْجُنَيْدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَصَرَّ وَاسْتَمَرَّ إلَى حُصُولِ الزَّلَّةِ فَحَدِيثُ نَفْسٍ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَطَلَبَ زَلَّةً أُخْرَى فَوَسْوَسَةٌ.
وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ اتَّفَقُوا أَنَّ آكِلَ الْحَرَامِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَسْوَسَةِ وَالْإِلْهَامِ.
وَعَنْ الدَّقَّاقِ وَكَذَا مَنْ كَانَ قُوتُهُ مَعْلُومًا
وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ خَاطِرِ الْحَقِّ وَالْمَلَكِ أَنَّ الْأَوَّلَ الْعَبْدُ لَا يُخَالِفُهُ أَصْلًا وَالثَّانِي قَدْ يُخَالِفُهُ وَبِمَا ذُكِرَ عَرَفْت أَنَّ الْإِلْهَامَ إنَّمَا يُوجَدُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَمُجَانَبَةِ الْهَوَى وَالْبِدْعَةِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَأْخُذْ عِلْمَهُ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ فَوَسْوَسَةٌ أَوْ هَوَاجِسُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْإِلْهَامَ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي إثْبَاتِ شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ عَلَى وَجْهٍ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ طَرِيقًا صَحِيحًا لِفَهْمِ مَعَانِيهِمَا وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الِاجْتِهَادِ الْفِقْهِيِّ وَإِلَّا فَوَسْوَسَةٌ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ
وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِقِصَّةِ مُوسَى مَعَ الْخَضِرِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْوَحْيِ بِالْعِلْمِ اللَّدُنِّي الَّذِي مِنْ قَبِيلِ الْإِلْهَامِ فَقِيلَ كُفْرٌ مُوجِبٌ لِإِرَاقَةِ الدَّمِ؛ لِأَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إلَى الْخَضِرِ وَلَمْ يَكُنْ الْخَضِرُ مَأْمُورًا بِمُتَابَعَتِهِ (وَكَذَلِكَ الرُّؤْيَا فِي الْمَنَامِ) فِي عَدَمِ كَوْنِهَا مِنْ أَسْبَابِ مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ.
قَالَ الْمُنَاوِيُّ الرُّؤْيَا كَالْبُشْرَى مُخْتَصَّةٌ غَالِبًا بِشَيْءٍ مَحْبُوبٍ يُرَى مَنَامًا وَقِيلَ هِيَ كَالرُّؤْيَةِ أَلْفُ تَأْنِيثٍ مَكَانُ تَائِهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا يُرَى نَوْمًا وَيَقَظَةً فَإِدْرَاكُ الْيَقَظَةِ رُؤْيَةٌ وَإِدْرَاكُ النَّوْمِ رُؤْيَا ثُمَّ الرُّؤْيَا خَيَالٌ بَاطِلٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ ضِدُّ الْإِدْرَاكِ أَوْرَدَ عَلَيْهِ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَنَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَبِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَوْنِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ وَعَمَلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا قَبْلَ الْوَحْي وَأُجِيبَ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَامَّةِ الْخَلْقِ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ إنْكَارَ الْمُتَكَلِّمِينَ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِهِمْ الْحَوَاسَّ الْبَاطِنَةَ مُطْلَقًا فَلَا قَائِلَ فِي إثْبَاتِ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَدُفِعَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَنْبِيَاءِ عَلَى طَرِيقِ خَرْقِ الْعَادَةِ
أَقُولُ: يَئُولُ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ إلَى أَنْ تَكُونَ خَيَالًا بَاطِلًا فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ نَحْوِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» وَفِي رِوَايَةٍ «رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ» الْحَدِيثُ وَفِي رِوَايَةٍ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» وَأَيْضًا حَدِيثُ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ» وَحَدِيثُ «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ» وَحَدِيثُ «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ كَلَامٌ يُكَلِّمُ بِهِ الْعَبْدَ رَبُّهُ فِي الْمَنَامِ» وَحَدِيثُ «يَنْقَطِعُ الْوَحْيُ وَلَا تَنْقَطِعُ الْمُبَشِّرَاتُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ الَّتِي يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ الصَّالِحُ أَوْ تُرَى لَهُ» .
وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْخَوَارِقِ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَامَةِ يَرُدُّهُ مَا فِي الْمُنَاوِيِّ عَنْ الْقُرْطُبِيِّ، وَقَدْ وَقَعَ لِبَعْضِ الْكُفَّارِ مَنَامَاتٌ صَادِقَةٌ كَمَنَامِ الْمَلِكِ الَّذِي رَأَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ وَمَنَامِ عَاتِكَةَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ كَافِرَةٌ وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ لَعَلَّ التَّحْقِيقَ الْمُوَافِقَ لِلنُّصُوصِ وَالْمُنَاسِبَ لِمَا تَشْهَدُ بِهِ التَّجَارِبُ مَا قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ: النَّاسُ فِي الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّ رُؤْيَاهُمْ صِدْقٌ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى التَّعْبِيرِ وَالصَّالِحُونَ غَالِبُ رُؤْيَاهُمْ صِدْقٌ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْبِيرِ وَمَنْ سِوَاهُمْ فِي رُؤْيَاهُمْ الصِّدْقَ وَالْأَضْغَاثَ، وَهُمْ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ مَسْتُورُونَ الْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْحَالِ وَفَسَقَةٌ الْغَالِبُ هُوَ الْأَضْغَاثُ.
وَقَدْ تَصْدُقُ وَكُفَّارٌ يَنْدُرُ صِدْقُهُمْ قَالَهُ الْمُهَلَّبِ انْتَهَى وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ مِنْ الرُّؤْيَا إذْ الصِّدْقُ هُوَ الْعِلْمُ فَخِلَافٌ صَرِيحٌ لِتَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ فَالْكَلَامُ هُنَا كَالْكَلَامِ فِي الْإِلْهَامِ فَيَمْتَنِعُ كَوْنُهُمَا حُجَّتَيْنِ مُقَابِلَتَيْنِ لِوَاحِدٍ مِنْ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست