اسم الکتاب : النهاية في الفتن والملاحم المؤلف : ابن كثير الجزء : 1 صفحة : 56
رَسُولِ اللِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ سَوْدَاءَ يُقَالُ لَهَا الْعُقَابُ، وَقَدْ رَكَّزَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الثَّنِيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْقِيَّ دمشق حين أقبل من العراق فعرفت الثنية بها فهي الْآنِ يُقَالُ لَهَا ثَنِيَّةُ الْعُقَابِ، وَقَدْ كَانَتْ عذاباً على الكفرة من نصارى الروم والعرب ووطدت حسن العاقبة لعباد الله المؤمنين مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُمْ وَبَعْدَهُمْ إلى يوم الدين ولله الحمد، وَكَذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ المغفر وكان أسود وفي رواية كان متعمماً بعمامة سوداء فوق البيضة صلوات الله وسلامه عليه، والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل خروجه وظهوره من ناحية المشرق ويبايع له عند البيت كما دل على ذلك نص الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَفْرَدْتُ فِي ذِكْرِ الْمَهْدِيِّ جُزْءًا على حدة ولله الحمد.
وقال ابن ماجه أيضاً: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حفصة، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"يَكُونُ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ تَنْعَمُ فيها أمتي نعمة لم يسمعوا بمثلها قط تؤتي الأرض أكلها ولا يدخر منها شيء والمال يومئذ كروس1 يَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ يَا مَهْدِيُّ أَعْطِنِي فَيَقُولُ: خذ". وقال الترمذي: حدثنا محمد بن يسار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ زَيْدًا الْعَمِّيَّ، سَمِعْتُ أَبَا الصِّدِّيقِ النَّاجِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَشِينَا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نَبِيِّنَا حَدَثٌ فَسَأَلْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
"إِنَّ فِي أُمَّتِى الْمَهْدِيَّ يَخْرُجُ يَعِيشُ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أو تسعاً يجيء إليه الرجل فيقول يا مهدي أَعْطِنِى قَالَ فَيَحْثِي[2] لَهُ فِي ثَوْبِهِ مَا استطاع أن يحمله". هذا
1كثير يقال تكارس الشيء تراكم وكرسض الشيء ضم بعضه إلى بعض، وفي بعض الكتب كدوس من كدس المال إذا راكمه وجمع بعض إلى بعض. [2] يرميه إلى ثوبه يقال حثا يحثو وحثي يحثى.
اسم الکتاب : النهاية في الفتن والملاحم المؤلف : ابن كثير الجزء : 1 صفحة : 56