responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النهاية في الفتن والملاحم المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 287
وَفِي مُسْنَدِ الإِمام أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثِ بَهْزٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِيهِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ جده معاوية بن حميدة الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
"يحشرون هاهنا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَحْوِ الشَّامِ- مُشَاةً وَرُكْبَانًا، ويمرون على وجوههم ويعرضون على الله، وعلى أفواههم الفدام" 1.
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، عَنِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بِنَحْوِهِ. وَقَالَ: حسن صحيح.
فَهَذِهِ السِّيَاقَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَشْرَ هُوَ حَشْرُ الْمَوْجُودِينَ فِي آخِرِ الدنيِا، مِنْ أقطار محلة الحشر، وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ، وَأَنَّهُمْ يَكُونُونَ عَلَى أَصْنَافٍ ثلاثة، فقسم يحشرون طَاعِمِينَ كَاسِينَ رَاكِبِينَ، وَقِسْمٍ يَمْشُونَ تَارَةً وَيَرْكَبُونَ أُخْرَى، وَهُمْ يَعْتَقِبُوَنَ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ على بعير، وعشرة على بعير، يعني يعتقبونه من قلة الظهر، كما تقدم، كما جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ، فَتُحِيطُ بِالنَّاسِ مِنْ وَرَائِهِمْ تَسُوقُهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ، وَمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ أكلته النار، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا في آخر الدنيا، حيث الأكل والشرب، والركوب على الظهر المستوي وغيره، وحيث يهلك المتخلفون منهم بالنار، وَلَوْ كَانَ هَذَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ، لَمْ يبق موت ولا ظهر يسري، وَلَا أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ، وَلَا لُبْسٌ فِي الْعَرَصَاتِ[2]، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ الْبَيْهَقِيَّ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِأَكْثَرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، حَمَلَ هَذَا الرُّكُوبَ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وصححِ ذَلِكَ، وَضَعَّفَ مَا قُلْنَاهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ما قاله بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{يَوْمَ نَحْشًرُ الْمُتّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً وَنسُوقُ المُجْرمينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً} . [مريم: 85-86]

1الفدام: ما يوضع على الفم ليسده.
[2] العرصات: الساحات الواسعة.
اسم الکتاب : النهاية في الفتن والملاحم المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست