responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد والزهد والرقائق والمراثي المؤلف : الخلدي، جعفر    الجزء : 1  صفحة : 33
§فَوَاتُ الْأَعْمَالِ أَشَدُّ عَلَى الصَّالِحِينَ

24 - حَدَّثَنِي الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْبَقَّالُ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى صَدَاقَةٌ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، فَقَالَ لَهَ الْبَقَّالُ: قَصَدْتُهُ يَوْمًا إِلَى مَنْزِلِهِ، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: مَا قَالَهُ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، إِلَّا أَنَّهُ دَخَلَ إِلَى بَيْتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَأَغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابَ، وَهُوَ يَبْكِي بُكَاءً مُتَّصِلًا، دَائِمًا، فَتَحَوَّلَتْ بِقَوْلِهَا، وَقُلْتُ لَهَا: ارْجِعِي فَاسْتَأْذِنِي لِي عَلَيْهِ، وَقُولِي لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَقَّالُ، فَدَخَلْتُ، فَرَأَيْتُهُ يَبْكِي بُكَاءً قَوِيًّا، مَا يَكَادُ أَنْ يَتَمَالَكَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي مَا حَالُكَ؟ فَأَرَادَ أَنْ يُلْهِيَنِي، فَلَمْ أَتْرُكْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: إِنَّهُ §فَاتَنِي الْبَارِحَةَ وِرْدِي، وَلَا أَحْسَبُ ذَلِكَ إِلَّا لِأَمْرٍ أَحْدَثْتُهُ، فَعُوقِبْتُ بِمَنْعِ وِرْدِي "، وَأَخَذَ يَبْكِي، فَأَشْفَقْتُ عَلَيْهِ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُسَهِّلَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَعْجَبَ أَمْرِي، وَأَمْرَكَ، قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ فِي يَدِي مِنْكَ شَيْءٌ قَالَ لِي: «وَبِمَ ذَاكَ؟» قُلْتُ لَهُ: لَمْ تَرْضَ عَنِ اللَّهِ فِي نَوْمَةِ نَوَّمَكَ إِيَّاهَا، حَتَّى قَعَدْتَ تَبْكِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «دَعْ دَاعِيكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وَمَا أَحْسَبُ ذَاكَ إِلَّا لِأَمْرٍ أَحْدَثْتُهُ» ، وَعَادَ عَلَيْهِ الْبُكَاءُ وَرَأَيْتُهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِي، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَاكَ انْصَرَفْتُ وَتَرَكْتُهُ يَبْكِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَهَذِهِ سِيرَةُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلُوَ بِنَفْسِهِ، وَأَرَادَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِصَالِحٍ، فَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَشْكُوَ بِالتَّعْرِيَةِ عَنْ حَالٍ، عَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْهَا خَيْرًا، وَلَا يَرْضَى بِنَفَاذِهَا، فَإِنْ فَقَدَ مِنْهَا شَيْئًا، رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، لَائِمًا، عَاذِلًا، وَلَمْ يَطْلُبِ الْمَقَادِيرَ الَّتِي تَسْلُبُهُ

اسم الکتاب : الفوائد والزهد والرقائق والمراثي المؤلف : الخلدي، جعفر    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست