responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العزلة المؤلف : الخطابي    الجزء : 1  صفحة : 59
لِأَسْلَمَ مِنْ قَوْلِ الْوُشَاةِ وَتَسْلَمِي ... سَلِمْتِ وَهَلْ حَيٌّ عَلَى النَّاسِ يَسْلَمُ
وَلِآخَرَ:
[البحر الطويل]
وَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْجُو مِنَ النَّاسِ سَالِمًا ... وَلِلنَّاسِ قِيلٌ باِلظُّنُونِ وَقَالُ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَسُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَتَى يَسْلَمُ الْإِنْسَانُ مِنَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي خَيْرٍ وَلَا شَرٍّ. قِيلَ: وَمَتَى يَكُونُ كَذَلِكَ؟ قَالَ: إِذَا مَاتَ. قَالَ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَهُوَ حَيُّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ خَيِّرًا فَالْأَشْرَارُ يُعَادُونَهُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ شِرِّيرًا يَمْقُتُونَهُ. وَالْمَثَلُ سَائِرٌ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ: مَا لَقِيَ النَّاسُ مِنَ النَّاسِ. قَالَ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ شَكْلَةَ:
[البحر الطويل]
وَمَا أَنْتَ إِلَّا ظَالِمٌ وَابْنُ ظَالِمٍ ... لِأَنَّكَ مِنْ أَوْلَادِ حَوَّا وَآدَمِ
وَلَوْ كُنْتَ مِثْلَ الْقِدْحِ أَلْفَيْتَ قَائِلًا ... أَلَا مَا لِهَذَا الْقِدْحِ لَيْسَ بِقَائِمِ
وَلَوْ كُنْتَ مِثْلَ النَّصْلِ أَلْفَيْتَ قَائِلًا ... أَلَا مَا لِهَذَا النَّصْلِ لَيْسَ بِصَارِمِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُولِعُ بِالْخِلَافِ أَبَدًا حَتَّى إِنَّهُ يَرَى أَنَّ أَفْضَلَ الْأُمُورِ أَنْ لَا يُوَافِقَ أَحَدًا وَلَا يُجَامِعَهُ عَلَى رَأْي وَلَا يُوَاتِيهِ عَلَى مَحَبَّةٍ وَمَنْ كَانَ هَذَا عَادَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُبْصِرُ الْحَقَّ وَلَا يَنْصُرُهُ وَلَا يَعْتَقِدُهُ دِينًا وَمَذْهَبًا إِنَّمَا يَتَعَصَّبُ لِرَأْيِهِ وَيَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ وَيَسْعَى فِي مَرْضَاتِهَا حَتَّى إِنَّكَ لَوْ رُمْتَ أَنْ تَرْضَاهُ وَتَوَخَّيْتَ أَنْ تُوَافِقَهُ عَلَى الرَّأْيِ الَّذِي يَدْعُوكَ إِلَيْهِ تَعَمَّدَ لِخِلَافِكَ فِيهِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ حَتَّى يَنْتَقِلَ إِلَى نَقِيضِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَإِنْ عُدْتَ فِي ذَلِكَ إِلَى وَفَاتِهِ عَادَ إِلَى خِلَافِكَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْحَالِ فَعَلَيْكَ بِمُبَاعَدَتِهِ وَالنِّفَارِ عَنْ قُرْبِهِ فَإِنَّ رِضَاهُ غَايَةٌ لَا تُدْرَكُ وَمَدَى شَأْوِهِ لَا يُلْحَقُ

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ التَّعْيَانِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الزُّجَاجُ قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ الْمُبَرِّدِ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدٍ فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ النَّحْوِ قَالَ: لَا. فَقَالَ: أَخْطَأْتَ. فَقَالَ: §" يَا هَذَا كَيْفَ أَكُونُ مُخْطِئًا أَوْ مُصِيبًا وَلَمْ أُجِبْكَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدُ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يُعَنِّفُونَهُ فَقَالَ لَهُمْ: خَلُّوا عَنْهُ -[60]- وَلَا تَعَرَّضُوا لَهُ أَنَا أُخْبِرُكُمُ بِقِصَّتِهِ، هَذَا رَجُلٌ يُحِبُّ الْخِلَافَ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَقَصَدَنِي عَلَى أَنْ يُخَالِفَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ أَقُولُهُ وَيُخَطِّئُنِي فِيهِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِمَا كَانَ فِي ضَمِيرِهِ "

اسم الکتاب : العزلة المؤلف : الخطابي    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست