اسم الکتاب : الضياء اللامع من الخطب الجوامع المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 96
يجب عليه من زكاة وكفارات ونفقات الأهل والأقارب فهل هذا من العدل والإنصاف.
كثير من الناس يصعب عليه أن يبذل ماله وبدنه في الحج إلى بيت الله ولكنه يسهل عليه أن يبذل ماله وجهده وبدنه في السياحة إلى البلاد يمينا وشمالا وربما كانت سياحة يغيب بها عن أهله وولده فيضيع عليهم فرصة وجوده عندهم وتأديبه لهم وهكذا كلما نظرنا في أمرنا وجدنا أننا أو الكثير منا مجحفون في أعمال الآخرة مقصرون فيها ومسرفون في أعمال الدنيا ومغالون فيها وليس هذا من العدل قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى - وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى - وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 37 - 41] وقال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16 - 17]
أيها الناس إنه لم يطلب منكم أن تتركوا أعمال الدنيا كلها ولا يمكن أن يطلب ذلك لأن من ضرورة بقاء الإنسان في الدنيا أن يعمل لها ولكن المطلوب منكم ألا تؤثروها على الآخرة وألا تكون هي أكبر همكم وكأنما خلقتم لها وكأنها دار المقر ولكن خذوا منها بنصيب واعملوا للآخرة على الوجه المطلوب وإذا عملتم لها فأجيدوا العمل وأتقنوه كما كنتم تجيدون العمل للدنيا وتتقنونه فإن لم تفعلوا فقد آثرتم الدنيا على الآخرة وبؤتم بالإثم والخسارة الفادحة اللهم وفقنا لما تحب وترضى وهيئ لنا من أمرنا رشدا واغفر لنا وللمسلمين إنك أنت الغفور الرحيم.
اسم الکتاب : الضياء اللامع من الخطب الجوامع المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 96