responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 93
الْكِتَابُ؟ فَقَالَ: خَطَّ الْمَلِكُ لِي بِصِلَةٍ، فَقَالَ: هَبْهُ مِنِّي فَقَالَ: هُوَ لَك فَأَخَذَهُ وَمَضَى إلَى الْعَامِلِ فَقَالَ الْعَامِلُ فِي كِتَابِك أَنْ أَذْبَحَك وَأَسْلُخَك: فَقَالَ: إنَّ الْكِتَابَ لَيْسَ هُوَ لِي، اللَّهَ اللَّهَ فِي أَمْرِي حَتَّى أُرَاجِعَ الْمَلِكَ، قَالَ: لَيْسَ لِكِتَابِ الْمَلِكِ مُرَاجَعَةٌ، فَذَبَحَهُ وَسَلَخَهُ وَحَشَا جِلْدَهُ تِبْنًا وَبَعَثَ بِهِ، ثُمَّ عَادَ الرَّجُلُ إلَى الْمَلِكِ كَعَادَتِهِ وَقَالَ مِثْلَ، قَوْلِهِ، فَعَجِبَ الْمَلِكُ وَقَالَ: مَا فَعَلَ الْكِتَابُ؟ فَقَالَ: لَقِيَنِي فُلَانٌ فَاسْتَوْهَبَهُ مِنِّي فَدَفَعْتُهُ لَهُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: إنَّهُ ذَكَرَ لِي أَنَّك تَزْعُمُ أَنِّي أَبْخَرُ، قَالَ: مَا قُلْت ذَلِكَ، قَالَ: فَلِمَ وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى أَنْفِك وَفِيك؟ قَالَ: أَطْعَمَنِي ثُومًا فَكَرِهْتُ أَنْ تَشُمَّهُ، قَالَ: صَدَقْتَ ارْجِعْ إلَى مَكَانِك فَقَدْ كَفَى الْمُسِيءَ إسَاءَتُهُ.
فَتَأَمَّلْ رَحِمَك اللَّهُ شُؤْمَ الْحَسَدِ وَمَا جَرَّ إلَيْهِ تَعْلَمْ سِرَّ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ: «لَا تُظْهِرْ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيك فَيُعَافِيَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيَك» .
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا حَسَدْتُ أَحَدًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَيْفَ أَحْسُدُهُ عَلَى الدُّنْيَا وَهِيَ حَقِيرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَكَيْفَ أَحْسُدُهُ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا وَهُوَ يَصِيرُ إلَى النَّارِ.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا أَكْثَرَ عَبْدٌ ذِكْرَ الْمَوْتِ إلَّا قَلَّ فَرَحُهُ وَقَلَّ حَسَدُهُ.
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كُلُّ النَّاسِ أَقْدِرُ عَلَى رِضَاهُ إلَّا حَاسِدَ نِعْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُرْضِيهِ إلَّا زَوَالُهَا.
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَأْ رَأَيْت ظَالِمًا أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنْ حَاسِدٍ؛ إنَّهُ يَرَى النِّعْمَةَ عَلَيْك نِقْمَةً عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَا ابْنَ آدَمَ لَا تَحْسُدْ أَخَاك، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا تَحْسُدْ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلِمَ تَحْسُدُ مَنْ مَصِيرُهُ إلَى النَّارِ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحَاسِدُ لَا يَنَالُ مِنْ الْمَجَالِسِ إلَّا مَذَمَّةً وَذُلًّا، وَلَا يَنَالُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إلَّا لَعْنَةً وَبُغْضًا، وَلَا يَنَالُ مِنْ الْخَلْقِ إلَّا جَزَعًا وَغَمًّا، وَلَا يَنَالُ عِنْدَ النَّزْعِ إلَّا شِدَّةً وَهَوْلًا، وَلَا يَنَالُ عِنْدَ الْمَوْقِفِ إلَّا فَضِيحَةً وَهَوَانًا وَنَكَالًا.

(تَنْبِيهَاتٌ) مِنْهَا: مَرَّ فِي أَحَادِيثِ الْغَضَبِ السَّابِقَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْغَضَبَ مِنْ نَارٍ وَغَرَزَهُ فِي الْإِنْسَانِ وَعَجَنَهُ بِطِينَتِهِ، فَمَهْمَا قَصَدَ فِي غَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِهِ اشْتَعَلَتْ فِيهِ تِلْكَ النَّارُ إلَى أَنْ يَغْلِيَ مِنْهَا دَمُ قَلْبِهِ ثُمَّ تَنْتَشِرَ فِي بَقِيَّةِ عُرُوقِ الْبَدَنِ فَتَرْتَفِعَ إلَى أَعَالِيهِ كَمَا يَرْتَفِعُ الْمَاءُ الْمَغْلِيُّ فَيَنْصَبُّ الدَّمُ بَعْدَ انْبِسَاطِهِ إلَى الْوَجْهِ وَتَحْمَرُّ الْوَجْنَةُ وَالْعَيْنُ، وَالْبَشَرَةُ لِصَفَائِهَا تَحْكِي لَوْنَ مَا وَرَاءَهَا مِنْ حُمْرَةِ الدَّمِ هَذَا إنْ اسْتَشْعَرَ

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست