responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 73
السَّابِقَةُ، قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] قَدْ لَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ تَقْصِيرَهُ بِقَصْدِهِ الْمُحَرَّمَ أَوْجَبَ سُقُوطَ الْأَجْرِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ ذَرَّةٌ مِنْ خَيْرٍ فَلَمْ تَشْمَلْهُ الْآيَةُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَقَدَ عِبَادَتَهُ عَلَى الْإِخْلَاصِ ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ وَارِدُ الرِّيَاءِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ لِأَنَّهُ تَمَّ عَلَى الْإِخْلَاصِ فَلَا يَنْعَطِفُ عَلَيْهِ أَثَرُ مَا طَرَأَ إنْ لَمْ يَتَكَلَّفْ إظْهَارَهُ وَالتَّحَدُّثَ بِهِ. فَإِنْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ قَصْدًا لِلرِّيَاءِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَهَذَا مَخُوفٌ؛ وَفِي الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحْبِطُ الْعَمَلَ، وَسَاقَ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَبْعَدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الطَّارِئُ مُبْطِلًا لِثَوَابِ الْعَمَلِ. قَالَ: بَلْ الْأَقْيَسُ أَنَّهُ مُثَابٌ عَلَى عَمَلِهِ الَّذِي انْقَضَى وَيُعَاقَبُ عَلَى مُرَاءَاتِهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَغَيَّرَ عَقْدُهُ إلَى الرِّيَاءِ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يُحْبِطُهَا بَلْ يُفْسِدُهَا إنْ تَمَحَّضَ قَصْدُ الرِّيَاءِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَحَّضْ لَكِنَّهُ غَلَبَ حَتَّى انْغَمَرَ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فِيهِ فَهَذَا يَتَرَدَّدُ فِي إفْسَادِهِ لِلْعِبَادَةِ، وَمَيْلُ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ إلَى إفْسَادِهِ. وَالْأَحْسَنُ عِنْدَنَا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ إذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ فِي الْعَمَلِ بَلْ بَقِيَ الْعَمَلُ صَادِرًا عَنْ بَاعِثِ الدِّينِ، وَإِنَّمَا انْضَافَ إلَيْهِ سُرُورٌ بِاطِّلَاعٍ فَلَا يَفْسُدُ عَمَلُهُ لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ الْبَاعِثَةِ عَلَيْهِ وَالْحَامِلَةِ عَلَى إتْمَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ مَا لَوْلَا النَّاسُ لَقَطَعَ صَلَاتَهُ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُفْسِدُهَا فَيُعِيدُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا.
وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي الرِّيَاءِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِالْعَمَلِ إلَّا الْخَلْقَ. وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الشَّرِكَةِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَصْدُ الرِّيَاءِ مُسَاوِيًا لِقَصْدِ الثَّوَابِ أَوْ أَغْلَبَ مِنْهُ، أَمَّا إذَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ فَلَا يُحْبِطُ بِالْكُلِّيَّةِ ثَوَابَ الْعَمَلِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ الصَّلَاةُ، وَلَوْ قَارَنَ الرِّيَاءُ ابْتِدَاءَ عَقْدِ الصَّلَاةِ مَثَلًا وَاسْتَمَرَّ إلَى أَنْ سَلَّمَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَقْضِي وَلَا يَعْتَدُّ بِصَلَاتِهِ فَإِنْ نَدِمَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَهَا وَاسْتَغْفَرَ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هِيَ لَمْ تَنْعَقِدْ، فَيَسْتَأْنِفُهَا، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَلْغُو جَمِيعُ مَا فَعَلَهُ إلَّا التَّحْرِيمَ فَيُتِمُّ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَلْ يُتِمُّهَا لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْخَوَاتِيمِ، كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِالْإِخْلَاصِ وَخَتَمَ بِالرِّيَاءِ فَإِنَّ عَمَلَهُ يَفْسُدُ، وَالْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ خَارِجَانِ عَنْ قِيَاسِ الْفِقْهِ جِدًّا خُصُوصًا أَوَّلَهُمَا، وَكَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ إذَا خَتَمَ بِالْإِخْلَاصِ صَحَّ لِأَنَّ الرِّيَاءَ يَقْدَحُ فِي النِّيَّةِ، وَاَلَّذِي يَسْتَقِيمُ عَلَى قِيَاسِ الْفِقْهِ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ بَاعِثُهُ هُوَ مُجَرَّدُ الرِّيَاءِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ دُونَ طَلَبِ الثَّوَابِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ لَمْ يَنْعَقِدْ افْتِتَاحُهُ، وَلَمْ يَصِحَّ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَحْرُمُ لِأَجْلِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبُهُ نَجِسًا وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ لَمْ يُصَلِّ أَصْلًا، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ إنَّهُمْ

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست