responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 52
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُرْجِئَةِ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ، فَهُوَ مِنْ افْتِرَائِهِمْ أَيْضًا عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَمَا وَرَدَ مِمَّا قَدْ يُؤَيِّدُهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ ظَاهِرُهُ بِدَلِيلِ نُصُوصٍ أُخَرَ قَاطِعٍ بُرْهَانُهَا وَاضِحٍ بَيَانُهَا، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ لِمَا أَنَّ إنْكَارَ ذَلِكَ كُفْرٌ، إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي تَكْذِيبِ النُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: نَقْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَنْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ الرِّدَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ أَضْمَرَ تَوْرِيَةً كُفِّرَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَأَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَمَنْ حَصَلَ لَهُ وَسْوَسَةٌ فَتَرَدَّدَ فِي الْإِيمَانِ أَوْ الصَّانِعِ، أَوْ تَعَرَّضَ بِقَلْبِهِ لِنَقْصٍ أَوْ سَبٍّ وَهُوَ كَارِهٌ لِذَلِكَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا إثْمٌ، بَلْ هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَيَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ عَلَى دَفْعِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ نَفْسِهِ لِمَا كَرِهَهُ. ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ.

وَمِنْهَا: لَا يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ إلَّا بِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِإِحْدَاهُمَا، وَلَوْ أَبْدَلَ الْإِلَهَ فِي: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ بِالْبَارِئِ أَوْ الرَّحْمَنِ أَوْ الْمَلِكِ أَوْ الرَّزَّاقِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَبْدَلَ لَا بِمَا مِنْ فَقَالَ: مَا مِنْ إلَهٍ، أَوْ إلَّا بِغَيْرٍ أَوْ سِوَى أَوْ عَدَا، أَوْ الْجَلَالَةَ بِالْمُحْيِي الْمُمِيتِ وَهُوَ غَيْرُ طَبَائِعِيٍّ أَوْ بِالرَّحْمَنِ أَوْ الْبَارِئِ، أَوْ مَنْ آمَنَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَوْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَوْ الْمَلِكِ أَوْ الرَّزَّاقِ بِخِلَافِ سَاكِنِ السَّمَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنَّ الْأَوَّلَ نَصٌّ فِي الْجِهَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنْهَا وَعَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَالْقَوْلُ بِالْجِهَةِ كُفْرٌ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ، فَكَيْفَ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ بِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى الْكُفْرِ، بِخِلَافِ مَنْ فِي السَّمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ؛ إذْ الْمُرَادُ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ، وَلِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلَفْظِ الْقُرْآنِ الْمُؤَوَّلِ عِنْدَ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ.
فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِفِرْقَةٍ ضَالَّةٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّا نُعَيِّنُ ذَلِكَ التَّأْوِيلَ وَلَا نَصْرِفُ الظَّاهِرَ إلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَلَفِ أَوْ نُؤَوِّلُ إجْمَالًا وَلَا نُعَيِّنُ شَيْئًا، بَلْ نُفَوِّضُ عِلْمَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ تَفْضِيلًا فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ تَعْيِينَ التَّأْوِيلِ بِأَنْ قَرُبَ مِنْ الظَّاهِرِ وَشَهِدَتْ لَهُ قَوَاعِدُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِالْقَبُولِ كَانَ أَوْلَى وَإِلَّا فَالتَّفْوِيضُ أَوْلَى، وَمَنْ تَأَمَّلَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ وَجَدَهَا شَاهِدَةً لِلتَّأْوِيلِ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا بِدُونِهِ يُوهِمُ التَّنَاقُضَ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ صَوْنًا عَنْ ذَلِكَ

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست