responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 371
حَسَّ بِهِمْ أَصْحَابُ تِلْكَ الْبُطُونِ قَامُوا فَتَمِيلُ بِهِمْ بُطُونُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَبْرَحُوا حَتَّى يَغْشَاهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ فَيُؤْذُونَهُمْ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ فَذَلِكَ عَذَابُهُمْ فِي الْبَرْزَخِ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ» . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمَّا عُرِجَ بِي سَمِعْتُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَوْقَ رَأْسِي رَعْدًا وَصَوَاعِقَ، وَرَأَيْتُ رِجَالًا بُطُونُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ كَالْبُيُوتِ فِيهَا حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ تُرَى مِنْ ظَاهِرِ بُطُونِهِمْ فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا» . وَسَيَأْتِي هَذَانِ فِي الْأَحَادِيثِ مَعَ حَدِيثِ: «إيَّاكَ وَالذُّنُوبَ الَّتِي لَا تُغْفَرُ: الْغُلُولُ، فَمَنْ غَلَّ شَيْئًا أَتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، فَمَنْ أَكَلَ الرِّبَا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَجْنُونًا، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ» .
وَخَبَرُ: «يَأْتِي آكِلُ الرِّبَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُخَبَّلًا يَجُرُّ شِقَّيْهِ ثُمَّ قَرَأَهَا أَيْضًا» .
وَصَحَّ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ بِطُولِهِ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ آكِلَ الرِّبَا يُعَذَّبُ مِنْ حِينَ يَمُوتُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالسِّبَاحَةِ فِي نَهْرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَأَنَّهُ يُلْقَمُ الْحِجَارَةَ كُلَّمَا أَلْقَمَهُ حَجَرًا سَبَّحَ بِهِ ثُمَّ عَادَ فَاغِرًا فَاهُ فَيُلْقَمُ حَجَرًا آخَرَ وَهَكَذَا إلَى الْبَعْثِ، وَتِلْكَ الْحِجَارَةُ هِيَ نَظِيرُ الْمَالِ الْحَرَامِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي الدُّنْيَا فَيُلْقَمُ تِلْكَ الْحِجَارَةَ النَّارِيَّةَ وَيُعَذَّبُ بِهَا كَمَا حَازَ ذَلِكَ الْمَالَ الْحَرَامَ وَابْتَلَعَهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْأَحَادِيثِ أَنْوَاعُ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهُ. وقَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} [البقرة: 275] إلَخْ أَيْ أَذَاقَهُمْ اللَّهُ ذَلِكَ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِسَبَبِ قَوْلِهِمْ الْفَاسِدِ الَّذِي حَكَّمُوا فِيهِ قِيَاسَ عُقُولِهِمْ الْقَاصِرَةِ حَتَّى قَدَّمُوهُ عَلَى النَّصِّ {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275] جَاعِلِينَ الرِّبَا هُوَ الْأَصْلَ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مُبَالَغَةً فِي حِلِّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ الَّذِي تَخَيَّلُوهُ أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ شِرَاءُ شَيْءٍ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ بَيْعُهُ بِأَحَدَ عَشَرَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا يَجُوزُ بَيْعُ عَشْرَةٍ بِأَحَدَ عَشَرَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، إذْ لَا فَرْقَ عَقْلًا بَيْنَ هَذِهِ الصُّوَرِ مَعَ حُصُولِ التَّرَاضِي مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَغَفَلُوا عَنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَدَّ لَنَا حُدُودًا، وَنَهَانَا عَنْ مُجَاوَزَتِهَا، فَوَجَبَ عَلَيْنَا امْتِثَالُ ذَلِكَ لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُقَابَلُ بِقَضِيَّةِ رَأْيٍ وَلَا عَقْلٍ، بَلْ يَجِبُ قَبُولُهَا سَوَاءٌ أَفَهِمْنَا لَهَا مَعْنًى مُنَاسِبًا أَمْ لَا. إذْ هَذَا هُوَ شَأْنُ التَّكْلِيفِ وَالتَّعَبُّدِ.
وَالْعَبْدُ الضَّعِيفُ الْعَاجِزُ الْقَاصِرُ الْفَهْمِ وَالْعَقْلِ وَالرَّأْيِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الِاسْتِسْلَامُ

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست