responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 361
الْمَيْتَةُ) : وَتَحْرِيمُهَا مُوَافِقٌ لِلْعُقُولِ لِأَنَّ الدَّمَ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ جِدًّا، فَإِذَا مَاتَ الْحَيَوَانُ حَتْفَ أَنْفِهِ احْتَبَسَ دَمُهُ فِي عُرُوقِهِ وَتَعَفَّنَ وَفَسَدَ وَحَصَلَ مِنْ أَكْلِهِ مَا لَا يَنْبَغِي، وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا السَّمَكُ وَالْجَرَادُ لِحَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ بِهِمَا، وَصَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا «إنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» . فَإِذَا خَرَجَ جَنِينُ مُذَكَّاةٍ مَيِّتًا أَوْ بِهِ حَيَاةٌ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ حَلَّ تَبَعًا لَهَا وَإِنْ كَبِرَ وَكَانَ لَهُ شَعْرٌ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ، فَدَخَلَ فِيهَا الْأَنْوَاعُ الْآتِيَةُ وَخَرَجَ مِنْهَا الْجَنِينُ الْمَذْكُورُ وَالصَّيْدُ إذَا مَاتَ بِالضَّغْطَةِ أَوْ ثِقَلٍ نَحْوِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْهَارُ دَمٍ.
(وَالدَّمُ) : وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ نَجَاسَتُهُ أَيْضًا وَكَانُوا يَمْلَئُونَ الْمِعَى أَوْ الْمَبَاعِرَ مِنْ الدَّمِ وَيَشْوُونَهُ وَيُطْعِمُونَهُ الضَّيْفَ فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَنَجَاسَتِهِ، نَعَمْ يُعْفَى عَمَّا يَبْقَى فِي الْعُرُوقِ وَاللَّحْمِ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ بِالْمَسْفُوحِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى الْمُفِيدَةِ لِإِطْلَاقِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا خَرَجَا بِالْمَسْفُوحِ أَيْضًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ الدَّمَ حَرَامٌ وَلَوْ غَيْرَ مَسْفُوحٍ. وَرُدَّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ بِحِلِّ غَيْرِ الْمَسْفُوحِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ.
(وَالْخِنْزِيرُ) : وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ نَجَاسَتُهُ أَيْضًا. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلِأَنَّ الْغِذَاءَ يَصِيرُ جَوْهَرًا مِنْ بَدَنِ الْمُتَغَذِّي فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَحْصُلَ لِلْمُتَغَذِّي أَخْلَاقٌ وَصِفَاتٌ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَ حَاصِلًا مِنْ الْغِذَاءِ، وَالْخِنْزِيرُ مَطْبُوعٌ عَلَى أَخْلَاقٍ ذَمِيمَةٍ جِدًّا مِنْهَا الْحِرْصُ الْفَاحِشُ وَالرَّغْبَةُ الشَّدِيدَةُ فِي الْمَنْهِيَّاتِ وَعَدَمُ الْغَيْرَةِ فَحُرِّمَ أَكْلُهُ عَلَى الْإِنْسَانِ لِئَلَّا يَتَكَيَّفَ بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ الْقَبِيحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا وَاظَبَ النَّصَارَى سِيَّمَا الْفِرِنْجُ عَلَى أَكْلِهِ أَوْرَثَهُمْ حِرْصًا عَظِيمًا وَرَغْبَةً شَدِيدَةً فِي الْمَنْهِيَّاتِ وَعَدَمَ الْغَيْرَةِ فَإِنَّهُ يَرَى الذَّكَرَ مِنْ جِنْسِهِ يَنْزُو عَلَى أُنْثَاهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ لِعَدَمِ غَيْرَتِهِ بِخِلَافِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا ذَوَاتٌ عَارِيَّةٌ عَنْ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ، فَلِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ بِسَبَبِ أَكْلِهَا كَيْفِيَّةٌ خَارِجَةٌ عَنْ أَغْرَاضِهِ وَأَحْوَالِهِ، وَإِنَّمَا خُصَّ لَحْمُهُ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ جَمِيعَهُ حَرَامٌ لِأَنَّ لَحْمَهُ هُوَ الْمَقْصُودُ الذَّاتِيُّ مِنْهُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ جُمْلَةَ الْخِنْزِيرِ مُحَرَّمَةٌ إلَّا شَعْرُهُ فَيَجُوزُ الْخَرَزُ بِهِ انْتَهَى، وَمَذْهَبُنَا جَوَازِ الْخَرَزِ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَحْرِيمَهُ، وَخِنْزِيرُ الْمَاءِ مَأْكُولٌ عِنْدَنَا.

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست