responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 335
السَّابِقِ، وَبِالْإِلْحَادِ هُنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِمَا وَاحِدًا هُوَ مَا فِي الْآيَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْأَوَّلِ اسْتِحْلَالَ حِرْصِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْحَرَمِ، وَبِالثَّانِي وُقُوعَ مَعْصِيَةٍ مِنْهُ فِيهِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ كَبِيرَةٌ أَشَارَ إلَيْهِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ فَقَالَ: أَعْنِي الْجَلَالَ وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ: وَالْإِلْحَادُ فِي الْحَرَمِ، وَاسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ فَقَالَ: الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ الْإِلْحَادُ فِي الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَلَوْ بِالْإِرَادَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] انْتَهَى.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْأَخْذَ بِإِطْلَاقِ الْآيَةِ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ فِي حَرَمِ مَكَّةَ كَبِيرَةٌ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ: " أَنَّ الظُّلْمَ يَشْمَلُ كُلَّ مَعْصِيَةٍ "، وَمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ جُبَيْرٍ فِي شَتْمِ الْخَادِمِ وَمَا فَوْقَهُ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ مِنْ أَنَّ: " لَا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ، أَيْ الْحَلِفُ الْكَاذِبُ مِنْ الْإِلْحَادِ ".
وَعَنْ عَطَاءٍ مِنْ أَنَّ مِنْهُ دُخُولَ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَمَا سَبَقَ مَعَهُ، وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ تَبَعًا لِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ {بِظُلْمٍ} [الحج: 25] هُوَ كَشَتْمِ الْخَادِمِ، وَمِمَّا هُوَ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الدَّلَالَةِ لِمَا ذُكِرَ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «احْتِكَارُ الطَّعَامِ فِي الْحَرَمِ إلْحَادٌ» ، وَرِوَايَةُ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «احْتِكَارُ الطَّعَامِ بِمَكَّةَ إلْحَادٌ» ، إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ جُزْئِيَّاتِ الْإِلْحَادِ، فَلَا يَخْتَصُّ بِاحْتِكَارِ الطَّعَامِ بِمَكَّةَ، بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ بِهَا، وَلَوْ بِالْإِرَادَةِ.
ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ لَمَّا ذَكَرَ أَكْثَرَ الْآثَارِ السَّابِقَةِ، قَالَ: وَهَذِهِ الْآثَارُ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ الْإِلْحَادِ، وَلَكِنْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ مُنَبِّهَةٌ عَلَى مَا هُوَ أَغْلَظُ مِنْهَا، وَلِهَذَا لَمَّا هَمَّ أَصْحَابُ الْفِيلِ بِتَخْرِيبِ الْبَيْتِ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ: أَيْ دَمَّرَهُمْ وَجَعَلَهُمْ عِبْرَةً وَنَكَالًا لِمَنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْجَيْشِ الَّذِي يَغْزُوهَا أَنَّ الْأَرْضَ تُخْسَفُ بِهِمْ.
وَرَوَى أَحْمَدُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ: إيَّاكَ وَالْإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّهُ سَيُلْحِدُ فِيهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَوْ تُوزَنُ ذُنُوبُهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَرَجَحَتْ، فَلْتَنْظُرْ لَا تَكُنْهُ» . وَأُخْرِجَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ أَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 335
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست