responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 317
الْمِسْكِينُ: أَسْأَلُك بِوَجْهِ اللَّهِ لَمَا تَصَدَّقْت عَلَيَّ فَإِنِّي نَظَرْت السَّمَاحَةَ فِي وَجْهِك وَرَجَوْت الْبَرَكَةَ عِنْدَك، فَقَالَ الْخَضِرُ: آمَنْت بِاَللَّهِ مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَهُ إلَّا أَنْ تَأْخُذَنِي فَتَبِيعَنِي، فَقَالَ الْمِسْكِينُ: وَهَلْ يَسْتَقِيمُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ أَقُولُ لَقَدْ سَأَلْتنِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ أَمَا إنِّي لَا أُخَيِّبُك بِوَجْهِ رَبِّي بِعْنِي، قَالَ: فَقَدَّمَهُ إلَى السُّوقِ فَبَاعَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَمَكَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي زَمَانًا لَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي شَيْءٍ، فَقَالَ: إنَّمَا اشْتَرَيْتنِي الْتِمَاسَ خَيْرٍ عِنْدِي فَأَوْصِنِي بِعَمَلٍ، قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْك إنَّك شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ قَالَ: لَيْسَ يَشُقُّ عَلَيَّ، قَالَ: قُمْ فَانْقُلْ هَذِهِ الْحِجَارَةَ، وَكَانَ لَا يَنْقُلُهَا دُونَ سِتَّةِ نَفَرٍ فِي يَوْمٍ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ نَقَلَ الْحِجَارَةَ فِي سَاعَةٍ، قَالَ: أَحْسَنْت وَأَجْمَلْت وَأَطَقْت مَا لَمْ أَرَك تُطِيقُهُ، ثُمَّ عَرَضَ لِلرَّجُلِ سَفَرٌ فَقَالَ: إنِّي أَحْسَبُك أَمِينًا فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي خِلَافَةً حَسَنَةً. قَالَ: وَأَوْصِنِي بِعَمَلٍ، قَالَ: إنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْك، قَالَ: لَيْسَ يَشُقُّ عَلَيَّ، قَالَ: فَاضْرِبْ مِنْ اللَّبِنِ لِبَيْتِي حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْك، قَالَ: فَمَرَّ الرَّجُلُ لِسَفَرِهِ، قَالَ: فَرَجَعَ وَقَدْ شَيَّدَ بِنَاءَهُ، قَالَ: أَسْأَلُك بِوَجْهِ اللَّهِ مَا سَبَبُك وَمَا أَمْرُك؟ قَالَ، سَأَلْتنِي بِوَجْهِ اللَّهِ، وَوَجْهُ اللَّهِ أَوْقَعَنِي فِي هَذِهِ الْعُبُودِيَّةِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: سَأُحَدِّثُك مَنْ أَنَا؟ أَنَا الْخَضِرُ الَّذِي سَمِعْت بِهِ سَأَلَنِي مِسْكِينٌ صَدَقَةً فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيهِ فَسَأَلَنِي بِوَجْهِ اللَّهِ فَأَمْكَنْتُهُ مِنْ رَقَبَتِي فَبَاعَنِي، وَأُخْبِرُكَ أَنَّهُ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللَّهِ فَرَدَّ سَائِلَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ وَقَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جِلْدُهُ وَلَا لَحْمَ لَهُ يَتَقَعْقَعُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْت بِاَللَّهِ شَقَقْت عَلَيْك يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَمْ أَعْلَمْ. قَالَ: لَا بَأْسَ أَحْسَنْتَ وَأَتْقَنْتَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ اُحْكُمْ فِي أَهْلِي وَمَالِي بِمَا شِئْت أَوْ اخْتَرْ فَأُخَلِّيَ سَبِيلَك، قَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُخَلِّيَ سَبِيلِي فَأَعْبُدَ رَبِّي فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَقَالَ الْخَضِرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْثَقَنِي فِي الْعُبُودِيَّةِ ثُمَّ نَجَّانِي مِنْهَا.»
تَنْبِيهٌ: عَدُّ كُلِّ مِنْ هَذَيْنِ كَبِيرَةً وَهُوَ صَرِيحُ اللَّعْنِ عَلَيْهِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَأَنَّ مَنْ سُئِلَ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْطِي شَرُّ النَّاسِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، لَكِنْ لَمْ يَأْخُذْ بِذَلِكَ أَئِمَّتُنَا فَجَعَلُوا كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَكْرُوهًا وَلَمْ يَقُولُوا بِالْحُرْمَةِ فَضْلًا عَنْ الْكَبِيرَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ فِي الْمَنْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِمُضْطَرٍّ وَتَكُونُ حِكْمَةُ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْعَهُ مَعَ اضْطِرَارِهِ، وَسُؤَالِهِ بِاَللَّهِ أَقْبَحُ وَأَفْظَعُ، وَحَمْلُهُ فِي السُّؤَالِ عَلَى مَا إذَا أَلَحَّ وَكَرَّرَ السُّؤَالَ بِوَجْهِ اللَّهِ حَتَّى أَضْجَرَ الْمَسْئُولَ وَأَضَرَّهُ، وَحِينَئِذٍ فَاللَّعْنُ عَلَى هَذَيْنِ، وَكَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَبِيرَةً ظَاهِرٌ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ أَصْحَابُنَا، وَكَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 317
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست