responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 20
وَعَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي. قَالَ: اُهْجُرِي الْمَعَاصِيَ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ الْهِجْرَةِ، وَحَافِظِي عَلَى الْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَادِ، وَأَكْثِرِي مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي الْعَبْدُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِهِ» .
وَسَأَلَ أَبُو ذَرٍّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْهِجْرَةِ - أَيْ أَصْحَابِهَا - أَفْضَلُ؟ قَالَ: مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» . وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ: وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ تَرَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ دِينَهُمْ أَيْ حَتَّى عُذِّبُوا بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ كَمَسْخِهِمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ وَأَمْرِهِمْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إذَا أُمِرُوا بِشَيْءٍ تَرَكُوهُ، وَإِذَا نُهُوا عَنْ شَيْءٍ رَكِبُوهُ حَتَّى انْسَلَخُوا مِنْ دِينِهِمْ كَمَا يَنْسَلِخُ الرَّجُلُ مِنْ قَمِيصِهِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: يَا صَاحِبَ الذَّنْبِ لِمَا تَأْمَنُ سُوءَ عَاقِبَتِهِ وَلِمَا يَتْبَعُ الذَّنْبَ أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ؟ ، وَقِلَّةُ حَيَائِك مِنْ مَلَكِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ: - أَيْ بَقَاؤُك عَلَيْهِ بِلَا تَوْبَةٍ - أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ الَّذِي عَمِلْتَهُ، وَفَرَحُك بِالذَّنْبِ إذَا ظَفِرْتَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ، وَضَحِكُكَ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِك أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ، وَحُزْنُك عَلَى الذَّنْبِ إذَا فَاتَك أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ، وَخَوْفُك مِنْ الرِّيحِ إذَا حَرَّكَتْ سِتْرَ بَابِك وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ وَلَا يَضْطَرِبُ فُؤَادُك مِنْ نَظَرِ اللَّهِ إلَيْك أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ، وَيْحَك هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ ذَنْبُ أَيُّوبَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْبَلَاءِ فِي جَسَدِهِ وَذَهَابِ مَالِهِ؟ إنَّمَا كَانَ ذَنْبُهُ أَنَّهُ اسْتَعَانَ بِهِ مِسْكِينٌ عَلَى ظَالِمٍ يَدْرَؤُهُ عَنْهُ فَلَمْ يُعِنْهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْهَ الظَّالِمَ عَنْ ظُلْمِ هَذَا الْمِسْكِينِ فَابْتَلَاهُ اللَّهُ تَعَالَى انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ تَأْوِيلُهُ، إذْ الْأَنْبِيَاءُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - مَعْصُومُونَ عَنْ الذَّنْبِ كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا عَمْدِهَا وَسَهْوِهَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ فِي الْأُصُولِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا سَكَتَ لِعَجْزِهِ عَنْ نُصْرَتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتِبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ تَرَكَ الْأَكْمَلَ مِنْ نَصْرِهِ وَإِنْ ظَنَّ عَجْزَهُ عَنْهُ. وَقَالَ بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ: لَا تَنْظُرْ إلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ وَلَكِنْ اُنْظُرْ إلَى مَنْ عَصَيْتَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: يَا ابْنَ آدَمَ تَرْكُ الْخَطِيئَةِ أَيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْمَعَاصِي.

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست