responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 186
مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْته عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبُّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْته وَإِنْ اسْتَعَاذَنِي - أَيْ بِالنُّونِ أَوْ الْبَاءِ - لَأُعِيذَنَّهُ» .
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي نَفَرٍ فَقَالُوا: مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا - أَيْ لَمْ تَسْتَوْفِ حَقَّهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ؟ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّك أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّك، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ يَا إخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لَا، يَغْفِرُ اللَّهُ لَك يَا أَخِي» .
وَمِنْ عَظِيمِ احْتِرَامِ الْفُقَرَاءِ سِيَّمَا فُقَرَاءُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ اسْتَبَقُوا إلَى الْإِيمَانِ قَوْله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا عَذَلَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي الْجُلُوسِ مَعَهُمْ وَقَالُوا: اُطْرُدْهُمْ فَإِنَّ نُفُوسَنَا تَأْنَفُ أَنْ تُجَالِسَهُمْ، وَلَئِنْ طَرَدْتَهُمْ لَيُؤْمِنَنَّ بِك أَشْرَافُ النَّاسِ وَرُؤَسَاؤُهُمْ {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] فَلَمَّا أَيِسَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ طَرْدِهِمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ يَوْمًا وَلَهُمْ يَوْمًا، فَأَنْزَلَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 28] أَيْ لَا تَتَعَدَّاهُمْ وَلَا تَتَجَاوَزْهُمْ بِنَظَرِك رَغْبَةً عَنْهُمْ وَطَلَبًا لِصُحْبَةِ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ بِقَوْلِهِ - عَزَّ قَائِلًا - {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا رَجُلَيْنِ} [الكهف: 32] إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 45] . الْآيَةَ.
كُلُّ ذَلِكَ تَقْرِيرٌ لِفَخَامَتِهِمْ وَحَثٌّ عَلَى تَعْظِيمِهِمْ وَرِعَايَتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَظِّمُ الْفُقَرَاءَ وَيُكْرِمُهُمْ سِيَّمَا أَهْلُ الصُّفَّةِ، وَهُمْ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا فِي صُفَّةِ الْمَسْجِدِ مُلَازِمِينَ لَهَا يَنْضَمُّ إلَيْهَا كُلُّ مَنْ هَاجَرَ إلَى أَنْ كَثُرُوا وَكَانُوا عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْفَقْرِ وَالصَّبْرِ، لَكِنْ حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ شُهُودُهُمْ مَا أَعَدَّ - تَعَالَى - لِأَوْلِيَائِهِ لَمَّا أَزَالَ عَنْ قُلُوبِهِمْ التَّعَلُّقَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَغْيَارِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الِاسْتِبَاقِ إلَى الْخَيْرَاتِ وَحِيَازَةِ أَفْضَلِ الْأَحْوَالِ وَالْمَقَامَاتِ، فَحِينَئِذٍ اسْتَحَقُّوا أَنْ لَا يُطْرَدُوا عَنْ بَابِهِ، وَأَنْ يُعْلِنَ بِمَدْحِهِمْ بَيْنَ أَحْبَابِهِ لِمَا أَنَّ الْمَسَاجِدَ مَأْوَاهُمْ، وَاَللَّهَ مَطْلُوبُهُمْ وَمَوْلَاهُمْ

اسم الکتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 186
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست