اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 271
والمجاهدة في الوصول إليه كما قال تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) .
فبهذه الأشياء يأمن الغرور الذي خوفه اللَّه منه فىِ قوله تعالى: (وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)
وهدذه من المعاني التي دونها هول العوالي، ولا ضير لمن رامها
أن يتذرع بالصبر، فقد أصاب من قال:
فقل لمرجي معالي الأمور ... بغير اجتهاد رجوت المحالا تقاسيم الصناعات ومراتبها وفضيلة بعضها على بعض
الصناعات ثلاثة أفرب:
إما أصول لا قوام للعالم دونها، وهي أربعة أشياء: الزراعة، والحياكة، والبناية، والسياسة.
وإما مرشحة لكل واحد من هذه وخادمة لها، كالحدادة للزراعة، والحلاجة والغزالة للحياكة
وإما ثمرة لكل واحد من ذلك ومزينة له، كالطحانة والخبازة للزراعة، والقصارة للحياكة، ومثل ذلك بالإضافة إلى العالم مثل أجزاء الشخص إلى الشخص سواء بسواء، فإنها على ثلاثة أضرب: إما أصول كالقلب والكبد والدماغ، وإما مرشحة لتلك الأصول وخادمة كالمعدة والعروق والشرايين، وإما مكملة لها ومزينة كاليد والحاجب.
فأشرف أصول الصناعات السياسة وهي أربعة أضرب
الأول: سياسة الأنبياء وحكمهم على الخاصة والعامة، ظاهرهم وباطنهم.
والثاني: الولاة وحكمهم على ظاهر الخاصة والعامة دون باطنهم.
والثالث: الحكماء وحكمهم على باطن الخواص.
والرابع: الفقهاء والوعظة وحكمهم على بواطن العامة.
وأشرف هذه السياسات الأربعة بعد النبوة إفادة العلم وتهذيب الناس به، وبيان ذلك
اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 271