responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 235
مداواة الغم وإزالة الخوف
حق الإنسان أن يعلم أن الدنيا جمة المصائب، رائقة المشارب، تثمر للبرية كل بلية، فيها مع كل لقمة غصة، ومع كل جرعة شرقة، فهي عدوة محبوبة كما قال أبو نواس:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
وكما روي عن الحسن - رحمه الله - أنه قال: ما مثلنا مع الدنيا إلا كما قال كثيِّر:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلت
فما أحد فيها إلَّا وهو في كل حال غرض لأسهم ثلاثة: سهم بلية، وسهم رزية، وسهما منية.
تناضله الآفات من كل جانب ... فتخطئه يومًا ويومًا تصيبه
وقد قال بعض الحكماء: أسباب الحزن فقد محبوب أو فوت مطلوب، ولا يسلم منهما إنسان، لأن الثبات والدوام معدومان في عالم الكون والفساد، فمن أحب أن يعيش هو وأهله وأحبابه فهو غير عاقل، لأنه يريد أن يملك ما لا يملك ويوجد له ما لا يوجد " فحق المرء أن لا يخلي قلبه من اعتبار فيما يرى من ارتجاع ودائعها من أربابها وحلول فوازعها بأصحابها، وما أحسن ما قال ابن الرومي:
ألم تر رزء الدهر من قبل كونه ... كفاحًا إذا فكرت في الخلوات
فمالك كالمرمي من مأمن له ... بنبل أتته غير مرتقبات
فإن قلت مكروهًا أتانا فجأة ... فما فوجئت نفس مع الخطرات
ولا عوقبت نفس ببلوى وقد رأت ... عظات من الأيام بعد عظات
إذا بعثت أشياء قد كان مثلها ... قديمًا فلا تعتدها بغتات
ومن حقه أن يقلل من اقتناء ما يورثه الحزن، فقد قيل لحكيم: نراك لا تغتم، فقال: لأني لا أقتني ما يغمني فقده، فأخذ هذا المعنى الشاعر فقال:
ومن سره أن لا يرى ما يسوؤه ... فلا يتخذ شيئًا يبالي له فقدًا
وقيل لحكيم: هل يمكن الإنسان أن يعيش آمنًا، فقال: نعم إذا احترس من الخطيئة،

اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست