اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 191
والرابع: جارٍ مجرى جماعة سلكوا منهجًا واحدًا لكن أخذ كل واحد شعبة غير شعبة الآخر، وهذا هو الاختلاف المحمود بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " الاختلاف في هذه الأمة رحمة " ونحوه
نظر من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب، ولأجل الفرق الثلاث أمرنا أن نستعيذ باللَّه تعالى ونتضرع إليه بقوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
وقال: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)
وجميع الخلاف الواقع في هذه الأمة اثنان وسبعون على ما ورد في الخبر لا زائدًا ولا ناقصًا، وقد روي الخبر في ذلك على وجهين:
أحدهما: " ستفترق أمتي على اثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة "، وفي الخبر الآخر: " كلها في الجنة إلا واحدة " وهم الزنادقة
وهذان خبران لا يمتنع أن يكونا صحيحين، ولكن على نظرين ومعنيين، وقد ذكر ذلك وبين في رسالة مفردة. وصلى اللَّه وسلم على سيدنا محمد خير خلقه.
النطق والصمت
النطق أشرف ما خص به الإنسان، فإنه صورته المعقولة التى بها باين سائر الحيوان، ولهذا قال تعالى: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)
ولم يقل: وعلمه البيان، إذ جعل قوله: (عَلَّمَهُ) تفسيرًا لقوله: ((خَلَقَ الْإِنْسَانَ تنبيهًا أن خلقه تعالى إيَّاه هو تخصيصه بالبيان الذي لو توهم مرتفعًا عنه لكانت الإنسانية مرتفعة، ولذلك قيل: ما الإنسان لولا اللسان إلا بهيمة مهملة أو صورة ممثلة، وقيل: المرء مخبوء تحت لسانه، وقال الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 191