responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 157
ويجب أن يكون عليه أنوار تروق من رآها وأخلاق تتملك من ابتلاها، كما قال تعالى: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) ، وقال لنبينا - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) .
ويجب أن يكون كلامه ذا حجة وبيان يشفي سامعه إذا كان متخصصًا بنور العقل،ولذلك قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا)
وهذه الأحوال إذا حصلت لا يحتاج ذو البصيرة معها إلى معجزة، ولا يطلبها كما لا يطلب الأنبياء من الملائكة فيما يخبرونهم به حجة، ولهذا لما عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصديق أبي بكر الإسلام تلقاه بالقبول، حتى قال - صلى الله عليه وسلم -: " ما أحد عرضت عليه
الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر الصديق فإنه لم يتلعثم فيه ".
وأما الآية الثانية فهي المعجزة التي تدركها الحواس من الأنبياء، وذلك يطلبه أحد رجلين إما ناقص عن معرفة الفرق بين الكلام الإلهي وبين الكلام البشري، وعن إدراك سائر ما تقدم ذكره، فيحتاج إلى ما يدركه بحسه لقصوره عن إدراك ذلك. وإما ناقص وهو مع نقصه معاند، فيقصد بما يطلبه العناد، كما قال تعالى حكاية عن الكفار:
(وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) .
كون الرسول والعقل هاديين الخلق إلى الحق:
للَّه - عز وجل - إلى خلقه رسولان:
أحدهما: من الباطن وهو العقل، والثاني: من الظاهر
وهو الرسول، ولا سبيل لأحد إلى الانتفاع بالرسول الظاهر ما لم يتقدمه الانتفاع بالباطن، فالباطن يعرف صحة دعوى الظاهر، ولولاه لما كانت تلزم الحجة بقوله، ولهذا أحال اللَّه من يشكك فىِ وحدانيته وصحة نبوة أنبيائه على العقل، فأمره بأن يفزع إليه في معرفة صحتها، فالعقل: قائد والدين مدد، ولو لم يكن العقل لم يكن الدين

اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست