اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 118
فإن قيل: ما حقيقة قول اللَّه تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
قيل: لما كان الكرم اسمًا للأفعال المحمودة التي تقدم ذكرها، وهذه الأفعال إنما تكون فاضلة إذا كان فعلها عن علم، وقصد بها أشرف الوجوه، أي وجه اللَّه تعالى، وذلك هو التقوى، فليس التقوى إلا العلم وتحري الأفعال المحمودة، فإذًا كل من كان أتقى كان أكرم.
والعزيز: الذي يأبى تحمل المذلة، واشتقاقه من العزاز بالفتح الأرض الصلبة،
كالمتظلف في الامتناع من تناول الشهوات المذلة، وأصله من الظلف أي الأرض الصلبة.
وقد فرق بعض الحكماء بين الكريم والعزيز فقال: الكريم يأبى أن يعصى له، والعزيز يأبى أن يعصى عليه.
والظرف: اسم لحالة تجمع عامة الفضائل النفسية والبدنية والخارجية تشبيهًا بالظرف الذي هو الوعاء، ولذلك قال أعرابي: فلان حاضن الشرف ومقر الفضل، ولكونه واقعًا على ذلك قيل لمن حصل له علم وشجاعة ظريف، ولمن حسن لباسه وأثاثه ورياشه ظريف، فالظرف أعم من الحرية والكرم.
وأما الفتوة: فكالمروءة، فإنها اسم لما يختص به الفتى من الفضائل الإنسانية، لكن هي بالرجولية أشبه، وقد استعارت الصوفية لفظ الفتوة للتصوف، لكونها مشاركة له في جميع أفعالها إلا في الغرض، فإن غرض الفتيان استجلاب محمدة الأقران، وغرض المتصوفة استجلاب محمدة الرحمن، بل مجرد مرضاته تعالى.
وأما الحسب: فقد يقال فيما يختص الإنسان به، فيعده من مآثره، وقد يقال فيما يؤثر عن آبائه، والشرف نحوه لكن أكثر ما يقال فيما يؤثر عن الآباء. في الفضائل التوفيقية:
التوفيق: موافقة إرادة الإنسان وفعله قضاء اللَّه سبحانه وقدره، وهو وإن كان في الأصل موضوعًا على وجه يصح استعماله في السعادة والشقاوة فقد صار متعارفًا في السعادة فقط.
اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 118