responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوابين المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 108
الحر ولبس نعلين متخرقين وعلى رأسه خرقة وعلى عنقه كرزنه وطبقه فأتى دجلة وقعد في بعض السفن والأمير ينظر إليه مستشرف عليه لا يصرف بصره عنه فوضع طبقه وكرزنه وخلع نعليه وألقى الخرق عن رجليه ودنا من دجلة وغسل يديه ورجليه وانصرف إلى موضعه فأخرج جرابا له ففتحه وأخرج منه كسرا يابسة مختلفة الألوان وأخرج منه قصعة خشب فغسل قصعته وجعل فيها ماء وألقى تلك الكسر في الماء الذي في القصعة ثم أخرج صرة ففتحها وأخرج منها ملحا فنثره على الخبز وقليل سعتر وتركها مقدار ما بل الكسر ثم تربع على الرمل وسمى الله تبارك وتعالى وأكل أكل رجل يشتهي الطعام وهو مع ذلك يشكر الله تعالى والأمير عيناه إليه حتى فرغ وغسل القصعة فردها إلى جرابه مع كسيرات بقيت وشد خرقة الملح ودنا من الشط فاغترف بكفيه من الماء وقال: يا سيدي ومولاي! لك الحمد على هذه النعمة التي تفضلت بها علي فلك الحمد على أياديك عندي فلك الحمد ولك الشكر.
ثم وضع رأسه على كرزنه وتمدد على الرمل ساعة ثم قام فتهيأ للصلاة وقام يصلي للزوال.
فقال الأمير للغلمان الوقوف عنده: ليذهب بعضكم إلى الرجل القائم المصلي فيأتيني به مع طبقه وكرزنه ولا يرعبه وعليه باللطف حتى يأتيني به.
فمضى بعض الغلمان فأتاه فأقام عنده حتى سلم ثم قال له: قم معي حتى تحمل لي متاعا من قصر الأمير فقال: اطلب غيري فإني متعوب البدن قال: الموضع قريب والحمل خفيف قال: يا حبيبي! قد عرفت ذلك وأنت تصيب غيري فاعفني فإني أكره دخول الدار قال: لا بد منه فإن قمت وإلا أقمت وغلظ له في الكلام فقام الرجل وألقى كرزنه في عنقه وحمل الطبق وقرأ {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19] .
فأدخله الغلام القصر ثم أصعده حتى أوقفه بين يدي الأمير على هيئته فأمره بالقعود فقال له الندماء: أيها الأمير! من هذا حتى تأمره بالقعود مع وسخه ونجاسته؟ قال: اسكتوا. ثم قال: من أهلها أنت؟ قال: نعم قال: ما صناعتك؟ قال: ما ترى الحمل قال: وكم عيالك؟ قال: نحن عيال الله لي والدة عجوز مقعدة وأخت عمياء زمنة قال: فأهل وولد؟ قال: مالي أهل ولا ولد.
قال: فكم يكون الكسب؟ قال: على قدر ما أرزق إلا أنه لا ينصرم يوم

اسم الکتاب : التوابين المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست