اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها المؤلف : عاطف السيد الجزء : 1 صفحة : 73
أما المناظرة فتعتمد على تباين الآراء ووجهات النظر وعقد المقارنة والموازنة بينها واختيار الصحيح منها، كذا تمحيص الآراء وتفنيدها بالمنطق السليم والأدلة المقنعة، وللمناظرة عدة مزايا منها أنها تعمل على تنشيط العقل وإيقاظ الذهن وتعويده التفكير المتزن والمنطقي، وبالإضافة إلى ذلك تعمل المناظرة على تقوية الحجة "والتمرن على سرعة التعبير وإتقانه، وتعويد المناظرين الثقة بالنفس، والقدرة على الارتجال، ولهذا كله عني بها المسلمون عناية كبيرة وعدوها طريقة من طرق التعليم المهمة، وأشاروا إليها في كتبهم الأدبية"[1], ويوجه ابن خلدون في مقدمته الأنظار إلى الاهتمام بالمناقشة والمناظرة حيث أنهما يساعدان على فهم المسائل العلمية واستيعابها.
ويستعمل القرآن الكريم طريقة الحوار والمناقشة والاستجواب في عدد من المواضع، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ، قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [2].
وقد لجأ الرسول صلى الله عليه وسلم إلى استخدام الحوار والمناقشة لتعليم أصحابه شئون الدنيا والآخرة، وسار على نفس النهج أصحابه من بعده، فأخذ العلماء منهم في البحث والتناظر في قضايا العلم والأدب لتتضح الحقيقة أمامهم، وكان الرسول الكريم يجيب عن أسئلة المسلمين ويشركهم في المناقشة عن طريق توجيه الأسئلة إليهم وإثارة انتباههم، فقد سأل رسول الله أصحابه هذا السؤال: "أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" [3].
ويظهر الأثر الفعال للحوار والمناقشة جليا في تنمية العقول وبث [1] نفس المرجع: ص340-341. [2] المؤمنون: 84-87. [3] الإمام البخاري: الأدب المفرد، مكتبة الآداب ومطبعتها، القاهرة، 1979، ص110.
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها المؤلف : عاطف السيد الجزء : 1 صفحة : 73