responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 399
وَادْفِنْ جَسَدِي فِي التُّرَابِ , وَاتْرُكْنِي هَمَلا لا تَبْعَثْنِي يَوْمَ الْحِسَابِ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: رَأَيْتُ جُوَيْرِيَةَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَتَقُولُ: يَا رَبِّ كَمْ مِنْ شَهْوَةٍ , ذَهَبَتْ لَذَّتُهَا وَبَقِيَتْ تَبِعَتُهَا! يَا رَبِّ مَا كَانَ لَكَ عُقُوبَةٌ إِلا بِالنَّارِ؟!
فَمَا زَالَتْ كَذَلِكَ إِلَى الصَّبَاحِ.
يَا عجباً تَنَامُ عَيْنٌ مَعَ مَخَافَةٍ , أَمْ كَيْفَ تَلْهُو نفس مع ذِكْرِ الْمُحَاسَبَةِ.
كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ يَقُولُ: فِي ظلام الليل همك عطل على الهموم , وحالف بَيْنِي وَبَيْنَ السُّهَادِ , فَأَنَا فِي سَجْنِكَ أَيُّهَا الْكَرِيمُ مَطْلُوبٌ.
وَقِيلَ: كَانَ عُتْبَةُ الْغُلامُ طَوِيلَ الْبُكَاءِ فَقِيلَ لَهُ: ارْفُقْ بِنَفْسِكَ. فَقَالَ: إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى تَقْصِيرِي.
وَقِيلَ لِعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ: مَا نَفْهَمُ كَلامَكَ مِنْ بُكَاءِ عُتْبَةَ فَقَالَ: أَيَبْكِي عُتْبَةُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَنْهَاهُ أَنَا؟! لَبِئْسَ وَاعِظُ قَوْمٍ.
وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ مَرْثَدٍ دَائِمَ الْبُكَاءِ فَكَانَتْ زَوْجَتُهُ تَقُولُ: وَيْحِي مَا خُصِصْتُ بِهِ مِنْ طُولِ الْحُزْنِ مَعَكَ مَا تَقَرُّ لِي عَيْنٌ.
(مَا كَانَ يَقْرَأُ وَاشٍ سَطْرَ كِتْمَانِي ... لَوْ أَنَّ دَمْعِي لَمْ يَنْطِقْ بِتِبْيَانِ)
(مَاءٌ وَلَكِنَّهُ ذَوْبُ الْهُمُومِ وَهَلْ ... مَاءٌ يولده نيران أحزاني)
(ليت النوى إذ سَقَتْنِي سُمَّ أَسْوَدِهَا ... سَدَّتْ سَبِيلَ امْرِئٍ فِي الْحُبِّ يَلْحَانِي)
(قَدْ قُلْتُ بِالْجَزَعِ لَمَّا أَنْكَرُوا جَزَعِي ... مَا أَبْعَدَ الصَّبْرَ مِمَّنْ شَوْقُهُ دَانِي)
(عُجْنَا عَلَى الرَّبْعِ نَسْتَسِقي لَهُ مَطَرًا ... فَفَاضَ دَمْعِي فَأَرْوَاهُ وَأَظْمَانِي)
لَمَّا خَفِيَتِ الْعَوَاقِبُ عَلَى الْمُتَّقِينَ فَزِعُوا إِلَى الْقَلَقِ وَاسْتَرَاحُوا إِلَى الْبُكَاءِ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَذِنَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْ أَسْجُدَ سَجْدَةً فَأَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنِّي ثُمَّ يَقُولُ يَا مَالِكُ كُنْ تُرَابًا.

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست