responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 373
وَتَخُوضُ مِنَ الذُّنُوبِ غَمْرَهَا , إِلَى مَتَى تَعْصِي وَكَمْ تَتَمَرَّدُ , وَأَقْبَحُ مِنْ قَبِيحِكَ أَنَّكَ تَتَعَمَّدُ , يا ردئ العزم يا سيء الْمَقْصَدِ , يَا نَقِيَّ الثَّوْبِ وَالْقَلْبُ أَسْوَدُ , مَا هَذَا الأَمَلُ وَلَسْتَ بِمُخَلَّدٍ , أَمَا تَخَافُ مَنْ أَوْعَدَكَ وَهَدَّدَ , يَا مَسْتُورًا عَلَى الْقَبِيحِ أَتُقِرُّ أَمْ تَجْحَدُ , يَا مَنْ شَابَ وَمَا تَابَ هَذَا الدَّأْبَ مُذْ أَنْتَ أَمْرَدَ , يَا مُشْتَرِيًا لَذَّةً تَزُولُ بِالْعَذَابِ السَّرْمَدِ , يَا مَرْمِيًّا فِي جُبِّ الْهَوَى هَذَا الْحَبْلُ وَمَا تَصْعَدُ , بِاللَّهِ عَلَيْكَ تَأَمَّلْ نُصْحِي وَتَفَقَّدْ , أَمَّا الطَّرِيقُ طَوِيلَةٌ فَاقْبَلْ مِنِّي وَتَزَوَّدْ , تَخَلَّصْ مِنْ أَسْرِ الْهَوَى فَإِلَى كَمْ مُقَيَّد , مَيِّزْ مَا يَبْقَى بِمَا يَفْنَى ثُمَّ اطْلُبِ الأَجْوَدَ , مَا أَرَى قَوْلِي يُؤَثِّرُ فِيكَ وَلَوْ دَرْسٌ مُجَلَّدٌ , أَظْرَفُ مِنْ فِعْلِكَ قِلَّةُ فَهْمِكَ وَأَنْتَ تَتَبَغْدَدُ , أَسَفًا لأَيَّامٍ مَضَتْ فِي الذُّنُوبِ وَتَوَلَّتْ , تَحَكَّمَتْ فِيهَا النَّفْسُ فَأَفْسَدَتْهَا إِذْ تَوَلَّتْ , وَعَلَى لَيَالٍ كَسَتِ الصَّحَائِفَ لَوْنُهَا فَوُكِسَتْ وَأُذِلَّتْ , وَعَلَى سَاعَاتٍ فِي طِلابِ الْهَوَى هَوَتْ وَاضْمَحَلَّتْ , حَسْرَةٌ عَنْ حَسِيرٍ ذَهَبَتْ وَحَلَّتْ , آهٍ لِشَيْبٍ كَانَ الشَّبَابُ مِنْهُ أَصْلَحَ , وَلِذِي عَيْبٍ مَا قَرَمَهُ الْعِتَابُ وَلا أَصْلَحَ , وَلِمُفَرِّطٍ يَخْسَرُ كُلَّ يَوْمٍ وَلا يَرْبَحُ , وَلِمُتَخَبِّطٍ فِي ظَلامِ الظُّلْمِ وَالصَّبَاحُ قَدْ أَصْبَحَ.
(قَدْ تَنَاهَتْ فِي بَلائِي حِيلَتِي ... وَبَلائِي كُلُّهُ مِنْ قِبَلِي)
(كُلَّمَا قُلْتُ تَجَلَّتْ غُمَّتِي ... عُدْتُ فِي ثَانِيَةٍ لا تَنْجَلِي)
(لَعِبَتْ بِي شَهَوَاتِي وَانْقَضَتْ ... لِي حَيَاتِي فِي غُرُورِ الأَمَلِ)
(وَأَحَلَّتْ بِي ذنوبي سقما ... كيف بالبرء منه كيف بي)
(قد رمتني سيئاتي والهوى ... بسهام فأصابت مَقْتَلِي)
(وَأَتَى شَيْبِي وَحَالِي كَالَّذِي ... كُنْتُ فِيهِ فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ)
لَوْ رَأَيْتَ التَّائِبَ لَرَأَيْتَ جَفْنًا مَقْرُوحًا , تُبْصِرُهُ فِي الأَسْحَارِ عَلَى بَابِ الاعْتِذَارِ مَطْرُوحًا , سَمِعَ قَوْلَ الإِلَهِ يُوحَى فِيمَا يوحى {توبوا إلى الله توبة نصوحا} .
مَطْعَمُهُ يَسِيرٌ , وَحُزْنُهُ كَثِيرٌ , وَمَزْعَجُهُ مُثِيرٌ , فَكَأَنَّهُ أَسِيرٌ قَدْ رُمِيَ مَجْرُوحًا ,

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست