responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 34
مَا لَمْ يُغَرْغِرْ بِنَفْسِهِ ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: للَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ بِأَرْضٍ دَوِيَّةٍ [مُهْلِكَةٍ] مَعَهُ رَاحِلَتُهُ، فَطَلَبَها حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي أَضْلَلْتُهَا فيه فأموت فيه، فأتى مكانه فغلبته عنياه، فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَزَادُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ".
وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ: يَا دَاوُدُ لَوْ يَعْلَمُ الْمُدْبِرُونَ عَنِّي كَيْفَ انْتِظَارِي لَهُمْ وَرِفْقِي بِهِمْ وَشَوْقِي إِلَى تَرْكِ مَعَاصِيهِمْ لَمَاتُوا شَوْقًا إِلَيَّ وَتَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُمْ مِنْ مَحَبَّتِي، يَا دَاوُدُ هَذِهِ إِرَادَتِي فِي الْمُدْبِرِينَ عَنِّي فَكَيْفَ إِرَادَتِي بِالْمُقْبِلِينَ عَلَيَّ!
إِخْوَانِي: الذُّنُوبُ تُغَطِّي عَلَى الْقُلُوبِ، فَإِذَا أَظْلَمَتْ مِرْآةُ الْقَلْبِ لم يبن فيها وَجْهُ الْهُدَى، وَمَنْ عَلِمَ ضَرَرَ الذَّنْبِ اسْتَشْعَرَ النَّدَمَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " مِنَ الاغْتِرَارِ أَنْ تُسِيءَ فَيُحْسَنَ إِلَيْكَ فَتَتْرُكَ التوبة توهما أنك تسامح في الهفوات "!.
فوا عجبا لِمَنْ يَأْمَنُ وَكَمْ قَدْ أُخِذَ آمِنٌ مِنْ مَأْمَنٍ، وَمَنْ تَفَكَّرَ فِي الذُّنُوبِ عَلِمَ أَنَّ لَذَّاتِ الأَوْزَارِ زَالَتْ وَالْمَعَاصِيَ بِالْعَاصِي إِلَى النَّارِ آلَتْ، وَرُبَّ سَخَطٍ قَارَنَ ذَنْبًا فَأَوْجَبَ بُعْدًا وَأَطَالَ عُتْبًا، وَرُبَّمَا بُغِتَ الْعَاصِي بِأَجَلِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ بَعْضَ أَمَلِهِ، وَكَمْ خَيْرٍ فَاتَهُ بِآفَاتِهِ، وَكَمْ بَلِيَّةٍ فِي طَيِّ جِنَايَاتِهِ.
قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ لا تُؤَخِّرِ التَّوْبَةَ فَإِنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةً.
(قَائِدُ الْغَفْلَةِ الأَمَلُ ... وَالْهَوَى رَائِدُ الزَّلَلْ)
(قَتَلَ الْجَهْلُ أَهْلَهُ ... وَنَجَا كُلُّ من عقل)

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست