responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 336
وَالرَّفِيقِ الرَّقِيقِ حِينَ يُسَافِرُ وَحِينَ يُقِيمُ , وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي عَمَّرَ مِنَ الدِّينِ مَا عَمَّرَ وَدَفَعَ الْكُفْرَ فَدَبَّرَ بِأَحْسَنِ تَدْبِيرٍ وَأَكْمَلِ تَقْوِيمٍ، وَعَلَى عُثْمَانَ الشَّرِيفِ قَدْرُهُ الْكَثِيفِ سِتْرُهُ الَّذِي احْتَسَبَ عِنْدَ اللَّهِ صَبْرَهُ عَلَى مَا ضِيمَ , وَعَلَى عَلِيٍّ مَدَارِ الْعُلَمَاءِ وَقُطْبِهِمْ , وَمُقَدَّمِ الشُّجْعَانِ فِي حَرْبِهِمْ وَالْمُؤْمِنُونَ
مِنْ كَرْبِهِمْ فِي مَقْعَدٍ مُقِيمٍ , وَعَلَى الْعَبَّاسِ عَمِّهِ وَصِنْوِ أَبِيهِ , أَقْرَبِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ نَسَبًا يَلِيهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وإن يونس لمن المرسلين} يُونُسُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ. وَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ: ضَمُّ النُّونِ وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَالْهَمْزُ مَعَ اللُّغَاتِ الثَّلاثِ.
وَكَانَ يُونُسُ مِنْ وَلَدِ يَعْقُوبَ , وَكَانَ عَابِدًا مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَرَأَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ , فَخَافَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ عُقُوبَةٌ , فَخَرَجَ هَارِبًا بِنَفْسِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَكَانُوا بِنِينَوَى قَرْيَةٍ مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ , فَبَعَثَهُ اللَّهُ رَسُولا إِلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَرَهُمْ بِتَرْكِ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ , وَكَانَ رَجُلا فِيهِ حِدَّةٌ , فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلُوا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ مُصَبِّحُهُمْ بَعْدَ ثَلاثٍ. فَأَقْبَلَ الْعَذَابُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمْ يَبْقَ بَيْنَ الْعَذَابِ وَبَيْنَهُمْ إِلا قَدْرُ ثُلُثَيْ مِيلٍ وَوَجَدُوا حَرَّهُ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: غَشِيَهُمُ الْعَذَابُ كَمَا يَغْشَى الثَّوْبَ الضَّفْرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: غَامَتِ السَّمَاءُ غَيْمًا أَسْوَدَ يُظْهِرُ دُخَانًا شَدِيدًا فَغَشَّى مَدِينَتَهُمْ فَاسْوَدَّتْ أَسْطِحَتُهُمْ , فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِالْهَلاكِ لَبِسُوا المسوح وحثوا على رُءُوسَهُمُ الرَّمَادَ , وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا مِنَ النَّاسِ وَالأَنْعَامِ وَعَجُّوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ وَقَالُوا: آمَنَّا بِمَا جَاءَ بِهِ يُونُسُ. فَكُشِفَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ فَقِيلَ لِيُونُسَ: ارْجِعْ إليهم فقال: كيف أرجع إليهم فيجدون كاذباً , وكان مَنْ يَكْذِبُ فِيهِمْ يُقْتَلُ.
فَرَكِبَ السَّفِينَةَ مُغَاضِبًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَنْ غَاضَبَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ غَاضَبَ قَوْمَهُ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَاشْتَهَى أَنْ يَنْزِلَ بِهِمُ الْعَذَابُ لِمَا عَانَى مِنْ تَكْذِيبِهِمْ , فَعُوتِبَ عَلَى كَرَاهِيَةِ الْعَفْوِ عَنْهُمْ , فَلَمَّا

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست