responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 325
وَفِي صِفَةِ إِرْسَالِ هَذَا السَّيْلِ عَلَيْهِمْ قَوْلانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ عَلَيْهِمْ عَلَى سِكْرِهِمْ دَابَّةً فَنَقَبَتْهُ. رَوَى عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ فَنَقَبَتْ فِيهِ نَقْبًا فَسَالَ ذَلِكَ الْمَاءُ إِلَى مَوْضِعِ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانُوا يَنْتَفِعُونَ
بِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ جُرَذًا يُسَمَّى الْخَلْدَ , وَالْخَلْدُ الْفَأْرُ الأَعْمَى , فَنَقَبَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ فَأَغْرَقَ اللَّهُ بِهِ جَنَّاتِهِمْ وَخَرَّبَ اللَّهُ بِهِ أَرْضَهُمْ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مَاءً أَحْمَرَ فَنَسَفَ السَّدَّ وَهَدَمَهُ وَحَفَرَ الْوَادِي. قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وبدلناهم بجنتيهم} يَعْنِي اللَّتَيْنِ كَانَتَا تُطْعِمُ الْفَوَاكِهَ {جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أكل خمط} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وحمزة والكسائي: {أكل} . بِالتَّنْوِينِ وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو {أُكُلِ} بِالإِضَافَةِ. وَالأُكُلُ: الثَّمَرُ. وَفِي الْمُرَادِ بِالْخَمْطِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ الأَرَاكُ. قَالَهُ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالْجُمْهُورُ. فَعَلَى هَذَا أُكْلُهُ ثَمَرُهُ. وَثَمَرَةُ الأَرَاكِ: الْبَرِيرُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ. قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَالثَّالِثُ. أَنَّهُ كُلُّ نَبْتٍ قَدْ أَخَذَ طَعْمًا مِنَ الْمَرَارَةِ حَتَّى لا يُمْكِنَ أَكْلُهُ. قَالَهُ الْمُبَرِّدُ وَالزَّجَّاجُ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: الْخَمْطُ: اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ.
وَالأَثْلُ: الطَّرْفَاءُ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وقوله تعالى: {وشيء من سدر} وَهُوَ شَجَرُ النَّبْقِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ الْخَمْطُ وَالأَثْلُ فِي جَنَّتِهِمْ أَكْثَرَ مِنَ السِّدْرِ.
{ذَلِكَ جزيناهم بما كفروا} أَيْ ذَلِكَ التَّبْدِيلُ جَزَيْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ {وَهَلْ نُجَازِي إلا الكفور} قَالَ طَاوُسٌ: الْكَافِرُ يُجَازَى وَلا يُغْفَرُ لَهُ , وَالْمُؤْمِنُ لا يُنَاقَشُ الْحِسَابَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمُؤْمِنُ يُجْزَى وَلا يُجَازَى , فَيُقَالُ فِي أَفْصَحِ اللُّغَةِ: جَزَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَ وَلا يُقَالُ جَازَاهُ بِمَعْنَى كافأه. والكافر يجازى سيئة مِثْلِهَا مُكَافَأَةً لَهُ , وَالْمُؤْمِنُ يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِ.

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 325
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست