responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 274
الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبصار} الاعْتِبَارُ: النَّظَرُ فِي الأُمُورِ لِيُعْرَفُ بِهَا شَيْءٌ آخر من غير جنسها. والأبصار: الْعُقُولُ. وَالْمَعْنَى: تَدَبَّرُوا.
إِخْوَانِي: الدُّنْيَا دَارُ عِبْرَةٍ , ما وقعت فيها حبره إلا ورد فتها عَبْرَةٌ , أَيْنَ مَنْ عَاشَرْنَاهُ كَثِيرًا وَأَلَفْنَا , أَيْنَ مَنْ مِلْنَا إِلَيْهِ [بِالْوِدَادِ] وَانْعَطَفْنَا , أَيْنَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ بِالْمَحَاسِنِ وَوَصَفْنَا , مَا نَعْرِفُهُمْ لَوْ عَنْهُمْ كشفنا , ما ينطقون لو سألناهم وألحفنا , وستصير كَمَا صَارُوا فَلَيْتَنَا أَنْصَفْنَا , كَمْ أَغْمَضْنَا مِنْ أَحْبَابِنَا عَلَى كُرْهِهِمْ جَفْنًا , كَمْ ذَكَّرَتْنَا مَصَارِعُ مَنْ
فَنَى مَنْ يَفْنَى , كَمْ عَزِيزٍ أَحْبَبْنَا دَفَنَّاهُ وَانْصَرَفْنَا , كَمْ مُؤَانِسٍ أَضْجَعْنَاهُ فِي اللَّحْدِ وَما وَقَفْنَا , كَمْ كَرِيمٍ عَلَيْنَا إِذَا جُزْنَا عَلَيْهِ انْحَرَفْنَا , مَا لَنَا نَتَحَقَّقُ الْحَقَّ فَإِذَا أَيْقَنَّا صَدَفْنَا , أَمَا ضَرَّ أَهْلَهُ التَّسْوِيفُ وَهَا نَحْنُ قَدْ سَوَّفْنَا , أَمَا التُّرَابُ مَصِيرُنَا فَلِمَاذَا مِنْهُ أَنِفْنَا , إِلامَ تَغُرُّنَا السَّلامَةُ وَكَأَنْ قَدْ تَلِفْنَا.
أَيْنَ حَبِيبُنَا الَّذِي كَانَ وَانْتَقَلَ , أَمَا غَمَسَهُ التَّلَفُ فِي بَحْرِهِ وَمَقَلَ , أَيْنَ الْكَثِيرُ الْمَالِ الطَّوِيلُ الأَمَلِ , أَمَا خَلا فِي لَحْدِهِ وَحْدَهُ بِالْعَمَلِ , أَيْنَ مَنْ جَرَّ ذَيْلَ الْخُيَلاءِ غَافِلا وَرَفَلَ , أَمَا سَافَرَ عَنَّا وَإِلَى الآنَ مَا قَفَلَ أَيْنَ مَنْ تَنَعَّمَ فِي قَصْرِهِ وَفِي قَبْرِهِ قَدْ نَزَلَ , فَكَأَنَّهُ فِي الدَّارِ مَا كَانَ وَفِي اللَّحْدِ لَمْ يَزَلْ , أَيْنَ لجبابرة الأَكَاسِرَةُ الْعُتَاةُ الأُوَلُ , مَلَكَ أَمْوَالَهُمْ سِوَاهُمْ وَالدُّنْيَا دُوَلٌ.
خَلا وَاللَّهِ مِنْهُمُ النَّادِي الرَّحِيبُ , وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ طُولُ الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبُ , وَعَايَنُوا مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ كُلَّ عَجِيبٍ , وَسُئِلَ عَاصِيهِمْ فَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ يُجيِبُ.
مَضَى وَاللَّهِ الْكُلُّ عَلَى مِنْهَاجٍ , وَسَارُوا بَيْنَ غَوَارِبَ وَأَحْدَاجٍ , وَرَحَلُوا إِلَى الْبِلَى أفواجاً بعد أفواج. ولقوا لَغَبَ الطَّرِيقُ عَلَى تَعَبِ الإِدْلاجِ , وَتَوَسَّطُوا بَحْرَ الْجَزَاءِ الْمُدْلَهِمَّ الْعَجَاجُ , وَظَنُّوا سَلامَتَهُمْ فَهَاجَتْ أَمْوَاجٌ بَعْدَ أَمْوَاجٍ , وَنُشِرَتْ

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست