responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 270
مُوسَى: اللَّهُمَّ كَمَا سَمِعْتَ دُعَاءَهُ عَلَيَّ فَاسْمَعْ دُعَائِيَ عَلَيْهِ فَدَعَا، اللَّهَ أَنْ يَنْزِعَ مِنْهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ , فَنُزِعَ مِنْهُ وَانْدَلَعَ لِسَانُهُ فَوَقَعَ عَلَى صَدْرِهِ. فَقَالَ لِقَوْمِهِ: قَدْ ذَهَبَتْ مِنِّي الآنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ , فَلَمْ يَبْقَ إِلا الْمَكْرُ وَالْحِيلَةُ , جَمِّلُوا النِّسَاءَ وَأَعْطُوهُنَّ السِّلَعَ
وَأَرْسِلُوهُنَّ فِي الْعَسْكَرِ يَبِعْنَهَا , وَمُرُوهُنَّ أَنْ لا تَمْنَعَ امْرَأَةً نَفْسَهَا مِمَّنْ أَرَادَهَا , فَإِنَّهُ إِنْ زَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ كُفِيتُمُوهُمْ! فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَوَقَعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى امْرَأَةٍ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّاعُونَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَئِذٍ , فَهَلَكَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ!
وَرَوَى السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ بَلْعَامَ قَالَ لِقَوْمِهِ: لا تَرْهَبُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِنَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ لِقِتَالِهِمْ دَعَوْتُ عَلَيْهِمْ. وَكَانَ رَغَّبَهُ فِيمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: خَوَّفَهُ مَلِكُهُمْ فَنَحَتَ لَهُ خَشَبَةً لِيَصْلِبَهُ عليها , فدعا عليهم.
وقوله: {فانسلخ منها} أَيْ خَرَجَ مِنَ الْعِلْمِ بِهَا {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أي أدركه {فكان من الغاوين} يَعْنِي الضَّالِّينَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بها} فِي هَاءِ الْكِنَايَةِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تَعُودُ إِلَى الإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ. قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَالثَّانِي: إِلَى الْكُفْرِ بِالآيَاتِ , فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَا عَنْهُ الْكُفْرَ بِآيَاتِنَا. رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ. {وَلَكِنَّهُ أخلد إلى الأرض} أَيْ رَكِنَ إِلَى الدُّنْيَا وَسَكَنَ {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} أَيِ انْقَادَ إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ الْهَوَى.
وَهَذِهِ الآيَةُ مِنْ أَشَدِّ الآيَاتِ عَلَى الْعُلَمَاءِ إِذَا مَالُوا عَنِ الْعِلْمِ إِلَى الْهَوَى.
{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تتركه يلهث} الْمَعْنَى: أَنَّ الْكَافِرَ إِنْ زَجَرْتَهُ لَمْ يَنْزَجِرْ , وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَهْتَدِ , كَالْكَلْبِ إِنْ طُرِدَ كَانَ لاهِثًا وَإِنْ تُرِكَ كَانَ لاهِثًا.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كُلُّ لاهِثٍ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ إِعْيَاءٍ أَوْ عَطَشٍ إِلا الْكَلْبَ , فَإِنَّهُ يَلْهَثُ فِي حَالِ رَاحَتِهِ وَحَالِ كَلالِهِ؛ وَفِي حَالِ الرِّيِّ وَحَالِ الْعَطَشِ.

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 270
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست