responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 262
يَا مَنْ كِتَابُهُ يَحْوِي حَتَّى حَبَّةَ خَرْدَلَةٍ , وعليه شاهدان كلامهما معدل , وسيلتحف التُّرَابَ وَيَتَوَسَّدُ الْجَنْدَلَ , وَهُوَ يَمْشِي مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ مِشْيَةَ الشَّمَرْدَلِ.
(لَعَمْرُكَ مَا الدُّنْيَا بِدَارِ إِقَامَةٍ ... وَلا الْحَيُّ فِي دَارِ السَّلامَةِ آمِنُ)
(تُحَارِبُنَا أَيَّامُنَا وَلَنَا رِضًى ... بِذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمَنَايَا تُهَادِنُ)
(أَرَى الْحِيرَةَ الْبَيْضَاءَ عَادَتْ قُصُورُهَا ... خَلاءً وَلَمْ تَثْبُتْ لِكِسْرَى الْمَدَائِنُ)
(رَكِبْنَا مِنَ الآمَالِ فِي الدَّهْرِ لُجَّةً ... فَمَا صَبَرَتْ لِلْمَوْجِ تِلْكَ السَّفَائِنُ)
(تَجِيءُ الرَّزَايَا بِالْمَنَايَا كَأَنَّمَا ... نُفُوسُ الْبَرَايَا لِلْحِمَامِ رَهَائِنُ)

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
{ذَرْهُمْ يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل} إِخْوَانِي: اعْتَبِرُوا بِمَنْ مَضَى مِنَ الأَقْرَانِ , وَتَفَكَّرُوا فِي مَنْ بَنَى كَيْفَ بَانَ , تَقَلَّبَتْ وَاللَّهِ بِهِمُ الأَحْوَالُ وَلَعِبَتْ بِهِمْ أَيْدِي الْبَلْبَالِ , وَنَسِيَهُمْ أحبابهم بَعْدَ لَيَالٍ , وَعَانَقُوا التُّرَابَ وَفَارَقُوا الْمَالَ , فَلَوْ أَذِنَ لِصَامِتِهِمْ لَقَالَ:
(مَنْ رَآنَا فَلْيُحَدِّثْ نَفْسَهُ ... أَنَّهُ مُوفٍ عَلَى قُرْبِ زَوَالِ)
(وَصُرُوفُ الدَّهْرِ لا يَبْقَى لَهَا ... وَلِمَا تَأْتِي بِهِ صُمُّ الْجِبَالِ)
(رُبَّ رَكْبٍ قَدْ أَنَاخُوا حَوْلَنَا ... يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ بِالْمَاءِ الزُّلالِ)
(وَالأَبَارِيقُ عَلَيْهَا قُدُمٌ ... وَعِتَاقُ الخيل تردى فِي الْجِلالِ)
(عَمَّرُوا دَهْرًا بِعَيْشٍ حَسَنٍ ... آمِنِي دَهْرَهُمْ غَيْرَ عِجَالِ)
(ثُمَّ أَضْحَوْا لَعِبَ الدَّهْرُ بهم ... وكذلك الدَّهْرُ حَالٌ بَعْدَ حَالِ)
يَا مَشْغُولا بِالأَمَلِ وَالْمُنَى , تَأَهَّبْ لِمَصْرَعٍ قَدْ قَارَبَ وَدَنَا , وَتَزَوَّدْ لِلْقَبْرِ مِنَ الصَّبْرِ كَفَنًا , وَتَهَيَّأْ لِحَرْبِ الْهَوَى فَإِذَا عَزَمْتَ فَأَلْقِ الْقَنَا , فَاللُّحُودُ الْمَقِيلُ وَبَيْتُ الْمَوْتَى لا يُبْتَنَى , وَحَاكِمُ الْعَدْلِ يُجَازِي كُلا بما جنى.

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 262
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست