responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 231
أَجَلَّ مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {إِنَّ الأبرار لفي نعيم} .
نُعِّمُوا فِي الدُّنْيَا بِالإِخْلاصِ فِي الطَّاعَةِ , وَفَازُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالرِّبْحِ فِي الْبِضَاعَةِ , وَتَنَزَّهُوا عَنِ التَّقْصِيرِ وَالْغَفْلَةِ وَالإِضَاعَةِ , وَلَبِسُوا ثِيَابَ التُّقَى وَارْتَدَوْا بِالْقَنَاعَةِ , وَدَامُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى السَّهَرِ وَالْمَجَاعَةِ , فَيَا فَخْرَهُمْ إِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ , وَقَدْ قُرِّبَتْ إِلَيْهِمْ مَطَايَا التَّكْرِيمِ {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} .
نُعِّمُوا فِي الدُّنْيَا بِالْوَحْدَةِ وَالْخَلْوَةِ , وَاعْتَذَرُوا فِي الأَسْحَارِ مِنْ زَلَّةٍ وَهَفْوَةٍ , وَحَذِرُوا مِنْ مُوجِبَاتِ الإبعاد والجفوة , فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُخْتَارُونَ الصَّفْوَةُ , الصِّدْقُ قَرِينُهُمْ وَالصَّبْرُ نديم {إن الأبرار لفي نعيم} .
حَرَسَهُمْ مَوْلاهُمْ مِنْ مُوجِبَاتِ الشَّيْنِ , وَحَفِظَهُمْ مِنْ جَهْلٍ وَعَيْبٍ وَمَيْنٍ , وَأَرَاهُمْ مَحَجَّةَ الْهُدَى رَأْيَ الْعَيْنِ , وَأَزَالَ فِي وِصَالِهِمْ قَاطِعَ الْجَفَاءِ وَعَارِضَ الْبَيْنِ , وَكَمَّلَ لَهُمْ جَمِيعَ الْمَآثِرِ كَمَالَ الزَّيْنِ , وَكَشَفَ عَنْ قُلُوبِهِمْ أَغْطِيَةَ الْهَوَى وَحُجُبَ الْغَيْنِ , فقاموا بالأوامر على غاية الوفا في قضاء الدين , واعتذروا بعد الأذى وقيل الغريم {إن الأبرار لفي نعيم} .
طَالَ مَا تَعِبَتْ أَجْسَامُهُمْ مِنَ الْجُوعِ وَالسَّهَرِ , وَكَفَّتْ جَوَارِحُهُمْ عَنِ اللَّهْوِ وَالأَشَرِ , وَحَبَسُوا أَعْرَاضَهُمْ عَنِ الْكَلامِ وَالنَّظَرِ , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ وَامْتَثَلُوا مَا أَمَرَ , وَتَقَبَّلُوا مَفْرُوضَاتِهِ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ , وَتَغَنَّوْا بِكَلامِهِ وَالْقَلْبُ قَدْ حَضَرَ , وَاسْتَعَدُّوا مِنَ الزَّادِ مَا يَصْلُحُ لِلسَّفَرِ , فَالْخَوْفُ يُقْلِقُهُمْ فَيَمْنَعُهُمْ قَضَاءَ الْوَطَرِ , وَالْعِبْرَةُ تَجْرِي وَالْقَلْبُ قَدِ اعْتَبَرَ , فَيَا حُسْنَهُمْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَوَقْتِ السَّحَرِ , السِّرُّ صَافٍ وَالْحَالُ مُسْتَقِيمٌ {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} .
جَنَّ الظَّلامُ فَزُمَّتْ مَطَايَاهُمْ , وَجَاءَ السَّحَرُ فَتَوَفَّرَتْ عَطَايَاهُمْ , وَكَثُرَ الاسْتِغْفَارُ فَحُطَّتْ خَطَايَاهُمْ , وَكُلَّمَا طَلَبُوا مِنْ فَضْلِ سَيِّدِهِمْ أَعْطَاهُمْ , فَسُبْحَانَ مَنِ اخْتَارَهُمْ مِنَ الْكُلِّ وَاصْطَفَاهُمْ , وَخَلَّصَهُمْ بِالإِخْلاصِ مِنْ شَوَائِبِ الكدر

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 231
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست