responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 206
اسْتَوْحَشُوا مِنْ كُلِّ جَلِيسٍ , شُغُلا بِالْمَعْنَى النَّفِيسِ , وَزَمُّوا مَطَايَا الْجِدَّ فَسَارَتِ الْعِيسُ , وَبَادَرُوا الْفُرْصَةَ فَفَاتُوا إِبْلِيسَ , لا وَقَفُوا وَلا فَتَرُوا {إِنِّي جزيتهم اليوم بما صبروا} .
قُلُوبٌ فِي الْخِدْمَةِ حَضَرَتْ، أَسْرَارٌ بِالصِّدْقِ عَمَرَتْ , كَمْ شَهْوَةٍ فِي صُدُورِهِمُ انْكَسَرَتْ , أَخْبَارُهُمْ تُحْيِي الْقُلُوبَ إِذَا نُشِرَتْ , وَيُقَالُ عَنِ الْقَوْمِ إِذَا نشروا {إني جزيتهم اليوم بما صبروا} .
جَدُّوا فَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَلْعَبُ , وَرَفَضُوا الدُّنْيَا فَتَرَكُوهَا تَخْرَبُ , وَأَذَابُوا قُلُوبَهُمْ بِقِلَّةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ , فَغَدًا يُقَالُ: كُلْ يَا مَنْ لَمْ يَأْكُلْ وَاشْرَبْ يَا مَنْ لَمْ يَشْرَبْ أَذْكَارُهُمْ فِي الْحَيَاةِ وَإِنْ كَانُوا قُبِرُوا {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بما صبروا} .
عَلِمُوا أَنَّ الدُّنَيْا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ , وَأَنَّ مَنْ وَافَقَ مُرَادَهَا فَارَقَ دِينَهُ , فَحَذِرُوا مِنْ غُرُورٍ يُجْدِي غَبِينَةً , فَرَكِبُوا مِنَ التُّقَى فِي سَفِينَةٍ أَشْحَنُوهَا بِالزَّادِ وَعَبَرُوا " {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بما صبروا} .
طُوبَى لَهُمْ وَالأَمْلاكُ تَتَلَقَّاهُمْ , كُشِفَ الْحِجَابُ عَنْ عُيُونِهِمْ فَأَرَاهُمْ , هَذَا أَقْصَى آمَالِهِمْ وَقَدْ ظَفَرُوا {إني جزيتهم اليوم بما صبروا} .
بَلَّغَنَا اللَّهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ , وَأَسْمَعَنَا زَجْرَ النَّاصِحِ فَقَدْ أَبْلَغَ , وَسَتَرَنَا مِنَ الْعِقَابِ فَإِنَّهُ إِنْ عَفَا أَسْبَغَ , وَلَوْلا عَوْنُهُ مَا قَدَرُوا {إِنِّي جزيتهم اليوم بما صبروا} .

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست