responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 200
طَلَّقَهُ الْمَوْتُ , فَمَثَلُهَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَا وَالسُّمُّ فِي جَوْفِهَا.
ثُمَّ قَالَ: عِنْدَ تَصْحِيحِ الضَّمَائِرِ يَغْفِرُ اللَّهُ الْكَبَائِرَ , وَإِذَا عَزَمَ الْعَبْدُ عَلَى تَرْكِ الآثَامِ أَتَتْهُ مِنَ السَّمَاءِ الْفُتُوحُ , وَالدُّعَاءُ الْمُسْتَجَابُ الَّذِي تُحَرِّكُهُ الأَحْزَانُ.
قُلْتُ: فَأَكُونُ مَعَكَ يَا رَاهِبُ؟ قَالَ: مَا أَصْنَعُ بِكَ وَمَعِي مُعْطِي الأَرْزَاقِ وَقَابِضُ الأَرْوَاحِ , يَسُوقُ إِلَيَّ الرِّزْقَ فِي كُلِّ وَقْتٍ , لَمْ يُكَلِّفْنِي جَمْعَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرَهُ.
اسْمَعْ يَا خَائِنَ الذِّمَمِ يَا مُضَيِّعَ الْحُرَمِ , يَا من على التوبة عزم زعم , غَيْرَ أَنَّهُ كُلَّمَا بَنَى أَنْ يَلُوذَ بِنَا هَدَمَ , يَسْعَى إِلَى الْهُدَى فَإِذَا رَأَى جِيفَةَ الْهَوَى جَثَمَ , وَيْحَكَ إِطْلاقُ الْبَصَرِ فِي سُورِ الْحَذَرِ ثَلَمٌ , عَجَبًا لأَمْنِكَ وَأَنْتَ بَيْنَ فَكَّيْ جَلَمٍ , كَأَنَّكَ بِكَ تَتَمَنَّى الْعَدَمَ , وَتَبْكِي
عَلَى تفريطك بندم , إلى كم هذا التواني كم كم وكم , وإياك وَالدُّنْيَا فَمَا تَشْفِي مِنْ قَرَمٍ , لِمَنْ تُحَدِّثُ لَقَدْ نَفَخْنَا مِنْ غَيْرِ ضَرَمٍ.
(كَمْ أَسِيرٍ لِشَهْوَةٍ وَقَتِيلٍ ... أُفٍّ لِمُشْتَرٍ خِلافِ الْجَمِيلِ)
(شَهَوَاتُ الإِنْسَانِ تُورِثُهُ الذُّلَّ وَتُلْقِيهِ فِي الْبَلاءِ الطَّوِيلِ ... )
يَا حَائِرًا لَمْ يُؤْثِرْ إِلا خِلافًا , يَا وَاعِدًا بِالتَّوْبَةِ وَلَمْ نَرَ إِلا إِخْلافًا , مَتَى سَتَعْمَلُ عَدْلا وَتُورِثُ إِنْصَافًا , أَتُصَافِي الْهَوَى مِنَ اليوم إذا صَافَى , أَمَا تَرَى النَّاسَ بِهَذِهِ الدَّارِ أَضْيَافًا , أتوقن بالحساب وترمي الفعل جُزَافًا , أَتَنْسَى الْمَوْتَ وَكَمْ قَدْ أَقَامَ سَيَّافًا , أَمَا بَقِيَ الْقَلِيلُ ثُمَّ تَلْحَقُ أَسْلافًا , مَتَى تعاملنا باليسير فنضاعفه أَضْعَافًا.
(إِذَا كَثُرَتْ مِنْكَ الذُّنُوبُ فَدَاوِهَا ... بِرَفْعِ يَدٍ فِي اللَّيْلِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمُ)
(وَلا تَقْنَطَنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّمَا ... قُنُوطُكَ مِنْهَا مِنْ خطاياك أعظم)
(فرحمته للمحسنين كرامة ... ورحمة لِلْمُسْرِفِينَ تَكَرُّمُ)
قَالَ بنَانٌ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ الْعَرْجِيِّ وَهُوَ فِي بَيْتٍ مَمْلُوءٍ كُتُبًا , فَقُلْتُ لَهُ: اخْتَصِرْ لِي مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ كَلِمَتَيْنِ أَنْتَفِعُ بِهِمَا. قَالَ: لِيَكُنْ هَمُّكَ مَجْمُوعًا فِيمَا يُرْضِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِ اعْتَرَضَ عَلَيْكَ شَيْءٌ فَتُبْ مِنْ وَقْتِكَ.

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست