responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البر والصلة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 114
أَنَّهُ قِيلَ لِي، وَلَسْتَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، بَلْ هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ مَدِينَةِ تُدْعَى بَلْخَ، يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ: اللَّهُ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ حَجَّهُ، وَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ قَبَائِلَ أَهْلِ خُرَاسَانَ، فَقُلْتُ: أَفِيكُمُ الْبَلْخِيُّونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ.
فَأَتَيْتُهُمْ، فَسَلَّمْتُ، وَقُلْتُ: أَفِيكُمْ رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالُوا: بَخٍ بَخٍ يَا مَالِكُ، تَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ لَيْسَ بِخُرَاسَانَ أَعْبَدُ، وَلَا أَزْهَدُ، وَلَا أَقْرَأُ مِنْهُ، فَعَجِبْتُ مِنْ جَمِيلِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي، فَقُلْتُ: أَرْشِدُونِي إِلَيْهِ، فَقَالُوا: إِنَّهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَلَا يَأْوِي إِلَّا الْخَرَابَ نَظُنُّهُ فِي خَرَابِ مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ أَجُولُ فِي الْخَرَابَاتِ، وَإِذَا بِهِ قَائِمٌ خَلْفَ جِدَارٍ، وَإِذَا يَدُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ مُعَلْقَةٌ فِي عُنُقِهِ، وَقَدْ نَقَبَ تَرْقُوَتَهُ، وَشَدَّهَا إِلَى قَيْدَيْنِ غَلِيظَيْنِ فِي قَدَمِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهَمْسِ قَدَمَيَّ انْفَتَلَ، وَقَالَ: مَنْ تَكُونُ؟ قُلْتُ: مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ.
قَالَ: يَا مَالِكٌ، فَمَاذَا جَاءَ بِكَ إِلَيَّ، رَأَيْتُ رُؤْيَا؟ اقْصُصْهَا عَلَيَّ، قُلْتُ: اسْتَحِي أَنْ أَسْتَقْبِلُكَ بِهَا، قَالَ: لَا تَسْتَحِي.
فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، فَبَكَى طَوِيلًا، وَقَالَ: يَا مَالِكُ، هَذِهِ الرُّؤْيَا تُرَى لِي مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، يَرَاهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ رَجُلٌ زَاهِدٌ مِثْلُكَ، إِنِّي مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
قُلْتُ: بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ ذَنْبٌ عَظِيمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضِ , وَالْجِبَالِ، وَالْعَرْشِ، وَالْكُرْسِيِّ.
قُلْتُ: حَدَّثَنِي أُحَذِّرُ النَّاسَ لَا يَعْمَلُونَ بِهِ، قَالَ: يَا مَالِكُ، كُنْتُ رَجُلًا أُكْثِرُ شُرْبَ هَذَا الْمُسْكِرَ، فَشَرِبْتُ يَوْمًا عِنْدَ خِدْنٍ لِي، حَتَّى إِذَا ثَمَلْتُ وَزَالَ عَقْلِي أَتَيْتُ مَنْزِلِي، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا وَالِدَتِي تَحْصِبُ تَنُّورًا لَنَا قَدْ أَبْيَضَ جَوْفِهِ، فَلَمَّا رَأَتْنِي أَتَمَايَلُ بِسُكْرِي، أَقْبَلَتْ تَعِظُنِي، تَقُولُ: هَذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ يُصْبِحُ النَّاسُ غَدًا صُوَّامًا، وَتُصْبِحُ أَنْتَ سَكْرَانًا، أَمَا تَسْتَحِي اللَّهَ؟ فَرَفَعَتْ يَدِي، فَلَكَزْتُهَا، فَقَالَتْ: تَعِسْتَ؟ فَغَضِبْتُ مِنْ قَوْلِهَا، فَحَمَلْتُهَا بِسُكْرِي، فَرَمَيْتُ بِهَا فِي التَّنُّورِ، فَمَا رَأَتْنِي امْرَأَتِي حَمَلَتْنِي، فَأَدْخَلَتْنِي بَيْتًا، وَأَجَافَتِ الْبَابَ فِي وَجْهِي، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ، وَذَهَبَ سُكْرِي، دَعَوْتُ زَوْجَتِي لِتَفْتَحَ الْبَابَ، فَأَجَابَتْنِي بِجَوَابٍ فِيهِ جَفَاءٌ، فَقُلْتُ: وَبِكِ مَا هَذَا الْجَفَاءُ الَّذِي لَمْ أَعْرِفْهُ مِنْكِ؟ قَالَتْ: تَسْتَأْهِلُ أَنْ لا

اسم الکتاب : البر والصلة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست