اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 521
رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تمارِ أخاكَ، وَلا تمازحهُ، وَلا تعدهُ مَوْعِداً فتخلفهُ".
1673- قال العلماءُ: المزاحُ المنهيُّ عنهُ، هُو الذي فيه إفراطٌ، ويُداوم عليه، فإنه يُورث الضحك وقسوةَ القلب، ويُشغل عن ذكر الله تعالى والفكر في مهمات الدين، ويؤولُ في كثيرٍ من الأوقات إلى الإِيذاء، ويُورثُ الأحقاد، ويُسقطُ المهابةَ والوقارَ. فأما ما سَلِمَ من هذه الأمور، فهو المباحُ الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهُ، فإنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يفعلهُ في نادرٍ من الأحوالِ لمصلحةٍ، وتطييب نفس المخاطب ومؤانستهِ، وهذا لا منعَ منهُ قطعاً، بل هو سنةٌ مستحبةٌ إذا كان بهذهِ الصفةِ، فاعتمدْ ما نقلناهُ عن العلماء وحققناهُ في هذه الأحاديث وبيان أحكامها، فإن مما يعظمُ الاحتياجُ إليه؛ وبالله التوفيق.
بابُ الشَّفاعَة:
1674- اعلم أنهُ تُستحبّ الشفاعةُ إلى ولاةِ الأمر وغيرهم من أصحابِ الحقوق والمستوفين لها، ما لم تكن شفاعةً في حدٍّ، أو شفاعةً في أمرٍ لا يجوزُ تركهُ، كالشفاعةِ إلى ناظرٍ على طفل أو مجنونٍ أو وقفٍ أو نحو ذلك في ترك بعض الحقوق التي في ولايته، فهذه كلُّها شفاعةٌ محرمةٌ تحرمُ على الشافع، ويحرمُ على المشفوعِ إليه قبولها، ويحرمُ على غيرهما السعي فيها إذا علمها؛ ودلائلُ جميع ما ذكرتهُ ظاهرةٌ في الكتاب والسنّة وأقوال علماء الأمة، قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] .
"المقيتُ": المقتدرُ والمقَدِّرُ، هذا قولُ أهلِ اللغةِ، وهو محكيٌّ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما وآخرين من المفسرين. وقال آخرون منهم:
اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 521