اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 222
..................................
وممّن نصّ على إطلاق منع الرحمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم على الانفراد الحافظ أبو عمر ابن عبد البر، وأبو القاسم الأنصاري شارح "الإرشاد" والقاضي عياش في "الإكمال" ونقله عن الجمهور.
وقال الحافظ زين الدين أبو الفضل العراقي في "شرح الترمذي": اختلف في جواز ذلك أو مشروعيته، فمنع أبو عمر بن عبد البر الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وذهب أبو محمد بن أبي زيد من المالكية إلى استحباب الإتيان في الصلاة عليه بالترحم. وكذلك اختلف أصحابُ الشافعي أيضًا في ذلك؛ فحكى الرافعي عن أبي بكر الصيدلاني.. وذكر ما تقدم.
ثم قال: وقوله: إنه لم يرد في الخبر، ليس بجيد، فقد ورد، لكنه لم يصح، ويجوز أن يقال في الضعيف ورد.
وهو ما رواه الإمام أحمد في "المسند" [353/5] من رواية أبي داود الأعمى، عن بريدة، قال: قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحماتك وبركاتك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ". وأبو داود الأعمى اسمه نفيع ضعيف جدًّا، رافضي، متهم بوضع الحديث.
وروى التيمي في مسلسلاته، والقاضي عياض في "الشفا" من طريق حرب بن الحسن الطحان، عن يحيى بن المساور، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب، قال: عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "عدهن في يدي جبريل، وقال: هكذا نزلت من عند رب العزة: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدُ، اللهم وترحم على محمدٍ وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدُ، اللهم وتحنن على محمدٍ وعلى آل محمد، كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم وسلم على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ".
قال العراقي: وعمرو ويحيى كل منهما غير ثقةٍ، والإسنادُ ضعيف جدًّا، عمرو بن خالد الكوفي كذاب وضاع، ويحيى بن المساور كذبه الأزدي أيضًا، وحرب بن الحسن الطحان أورده الأزدي في الضعفاء، قال: وليس حديثه بذاك.
ثم قال العراقي: وفي إنكار جواز الدعاء له بالرحمة نظر، فقد ثبت في التشهد: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ... "، ففي هذا الدعاء له بالرحمة. وقد ثبت في الصحيح، في قصة الأعرابي: "اللهم ارحمني ومحمدًا" [البخاري: رقم: 220] . ومن أنكر الإتيان بهذا اللفظ في التشهد فليس مدركه في ذلك أن الدعاء به له ممتنع؛ فقد قال ابن العربي =
اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 222