responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 345
كثيرة، والمراد بذلك [1] عقد القلب [2] وحكمُهُ على غيرك بالسوء، فأما الخواطر، وحديث النفس، إذا لم يستقرَّ ويستمرّ عليه صاحبُه فمعفوٌ عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيارَ له في وقوعه، ولا طريقَ له إلى الانفكاك عنه.
1052 - وهذا هو المراد بما ثبتَ في الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: " إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ أوْ تَعْمَلْ " [3] .
قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقرّ.
قالوا: وسواءٌ كان ذلك الخاطِرُ غِيبة أو كفراً أو غيرَه، فمن خطرَ له الكفرُ مجرّد خَطَرٍ من غير تعمّدٍ لتحصيله، ثم صَرفه في الحال، فليس بكافر، ولا شئ عليه.
وقد قدّمنا في " باب الوسوسة " في الحديث الصحيح أنهم قالوا: " يا رسولَ الله يجدُ أحدُنا ما يتعاظمُ أن يتكلَّمَ به، قال: ذلكََ صريحُ الإيمان " [4] وغير ذلك مما ذكرناه هناك وما هو في معناه.
وسببُ العفو ما ذكرناه من تعذّرٍ اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما ومهما عرض لك هذا الخاطرُ بالغيبة وغيرها من المعاصي، وجبَ عليك دفعُه بالإِعراض عنه وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره.
قال الإِمام أبو حامد الغزالي في " الإِحياء ": إذا وقعَ في قلبك ظنّ السوء، فهو من وسوسة الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تُكذِّبه فإنه أفسقُ الفسّاق، وقد قال الله تعالى: (إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا على ما فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 7] فلا يجوز تصديق إبليس، فإن كان هناك قرينة تدل على فساد، واحتمل خلافه، لم تجز إساءة الظنّ، ومن علامة إساءة الظنّ أن يتغيَّر قلبُك معه عمّا كان عليه،

[1] أي ظن السوء المنهي عنه.
[2] عقد القلب: أي تحقيق الظن وتصديقه، بأن تركن إليه النفس ويميل إليه القلب، لا ما يهجس في النفس ولا يستقر، وهذا القول نقله المصنف في " شرح مسلم " عن الخطابي وصوبه، ثم قال: نقل القاضي عن سفيان أنه قال: الظن الذي يأثم به هو ما ظنه وتكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم، أي إن لم يعقد عليه القلب لما سيأتي من المؤاخذة على ذلك.
[3] هو في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظه: " إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لم تعمل به أو تكلم ".
[4] هو في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " جاء ناس من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فسألوه: إنّا نجدُ في أنفسنا ما يتعاظم أحد نا أن يتكلَّم به، قال: وقدْ وجدتُموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريحُ الإيمان ".
(*)
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 345
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست