اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 338
قلتُ: مزجته: أي خالطته مخالطة يتغيرُ بها طعمُه أو ريحُه لشدّة نتنها وقبحها، وهذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئاً من الأحاديث يبلغُ في الذمّ لها هذا المبلغ (وَمَا يَنْطقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: [3]] نسألُ اللَّه الكريم لطفه والعافية مِنْ كُلّ مَكْرُوهٍ.
1036 - وروينا في سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أظْفارٌ مِنْ نُحاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هؤُلاءِ يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَؤُلاءِ الَّذينَ يأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ " [1] .
1037 - وروينا فيه عن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " إنَّ مِن أرْبَى الرّبا الاسْتِطالَةَ في عِرْضِ المُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقّ " [2] .
1038 - وروينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَخونُهُ وَلا يَكْذِبُهُ وَلا يَخْذُلُهُ، كُلّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ عرْضُهُ، ومَالُهُ وَدَمُهُ، التَّقْوَى ها هنا، بحسب امرئ مِنَ الشر أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلمَ " قال الترمذي: حديث حسن.
قلتُ: ما أعظم نفع هذا الحديث وأكثر فوائده، وبالله التوفيق.
(بابُ بيانِ مُهِمَّاتٍ تتعلّقُ بحدِّ الغِيبَة)
قد ذكرنا في الباب السابق أن الغيبة: ذكرك الإِسان بما يكره، سواء ذكرته بلفظك أو فِي كِتابِكَ، أوْ رمزتَ أو أشرتَ إليه بعينك، أو يدك أو رأسك.
وضابطُه: كلّ ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم فهو غيبة محرّمة، ومن ذلك المحاكاة، بأن يمشي متعارجاً أو مُطَأْطِئاً أو على غير ذلك من الهيئات، مريداً حكاية هيئة من يَتَنَقَّصُهُ بذلك، فكلُّ ذلك حرام بلا خلاف، ومن ذلك إذا ذَكرَ مُصنفُ كتاب شخصاً بعينه في كتابه قائلاً: قال فلان كذا مريداً تنقيصه والشناعةَ عليه فهو حرام، فإن أرادَ بيانَ غلطه لئلا يُقلَّدَ، أو بيانَ ضعفه في العلم لئلا يُغترّ به ويُقبل قوله، فهذا ليس غيبة، بل نصيحة واجبة يُثاب عليها إذا أراد [1] إشارة إلى عظم إثم الغيبة، وأنه لا يقاومها ما أعطيه من غيرها وإن كن كثيرا، والمعنى: ما أحب الجمع بين المحاكاة وحصول كذا وكذا من الدنيا وما فيها بسبب المحاكاة، فإنها أمر مذموم. [2] ورواه أيضاً أحمد في " المسند " وغيره، وهو حديث حسن. [3] وهو حديث حسن.
(*)
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 338