اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 258
وكذا إذا دخل مسجداً أو بيتاً لغيره ليس فيه أحد، يُستحبّ أن يُسلِّم، وأن يقول: السَّلامُ عَلَيْنا وَعلى عِباد اللَّهِ الصَّالِحِين، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فصل:
إذا كان جالساً مع قوم ثم قام ليفارقهم، فالسنّة أن يُسلِّم عليهم.
739 - فقد روينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الجيدة [1] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذَا انْتَهَى أحَدُكُمْ إلى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ، فإذَا أَرَادَ أنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الأُولى بأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ " قال الترمذي: حديث حسن.
قلت: ظاهر هذا الحديث أنه يجب على الجماعة ردّ السلام على هذا الذي سلَّم عليهم وفارقهم، وقد قال الإِمامان القاضي حسين وصاحبه أبو سعد المتولّي: جرتْ عادةُ بعض الناس بالسلام عند مفارقة القوم، وذلك دعاءٌ يُستحبّ جوابه ولا يجب، لأن التحية إنما تكون عند اللقاء لا عند الانصراف، وهذا كلامُهما، وقد أنكره الإِمام أبو بكر الشاشي الأخير من أصحابنا وقال: هذا فاسد، لأن السَّلامَ سنّةٌ عند الانصراف كما هو سنّة عند الجلوس، وفيه هذا الحديث، وهذا الذي قاله الشاشي هو الصواب..فصل:
إذا مرّ على واحد أو أكثر، وغلبَ على ظنه أنه إذا سلَّم لا يردّ عليه، إما لتكبّر الممرور عليه، وإما لإِهماله المارّ أو السلام، وإما لغير ذلك، فينبغي أن يُسلِّم ولا يتركه لهذا الظنّ، فإنّ السلامَ مأمورٌ به، والذي أُمِرَ به المارّ أن يُسلّم، ولم يؤمر بأن يحصل الردّ، مع أن الممرور عليه قد يخطئ الظنّ فيه ويردّ.
وأما قول مَن لا تحقيق عنده: إن سلامَ المارّ سبب لحصول الإِثم فحق الممرور عليه، فهو جهالة ظاهرة، وغباوة بيِّنة، فإن المأمورات الشرعية لا تسقط عن المأمور بها بمثل هذه الخيالات، ولو نظرنا إلى هذا الخيال الفاسد لتركنا إنكار المنكر على مَن فعله جاهلاً كونه منكراً، وغلب على ظننا أنه لا ينزجر بقولنا، فإن إنكارنا عليه، وتعريفنا له قبحه يكون سبباً لإِثمه [1] قال ابن علاّن: قال الحافظ: مخرج هذا الحديث واحد، وإن تعددت الأسانيد إلى محمد بن عجلان.
(2) بل كلتاهما حق وسنة مشيرة إلى حسن المعاشرة وكرم الأخلاق ولطف الفتوة ولطافة المروءة، فإنه إذا فارقهم من غير سلام عليهم ربما يتشوش أهل المجلس من فرقهم وهو ساكت، فكانت التسليمة الأولى إخبارا عن سلامتهم من شره عند الحضور، فكذا الثانية إخبار عن سلامتهم منشره عند الغيبة، وليست
السلامة عند الحضور أولى منها عند الغيبه، بل الثانية أولى.
(*)
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 258