اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 215
(بابُ أذكارِه بعدَ استقرارِ عزمِه على السَّفر)
فإذا استقرَّ عزمُه على السفر فليجتهدْ في تحصيل أمور: منها أن يوصي بما يحتاج إلى الوصية به، وليُشهدْ على وصيته، ويستحلّ كلَّ من بينه وبينه معاملة في شئ، أو مصاحبة، ويسترضي والديه وشيوخه ومن يُندب إلى برّه واستعطافه، ويتوبُ إلى الله ويستغفره من جميع الذنوب والمخالفات، وليطلبْ من الله تعالى المعونةَ على سفره، وليجتهدْ على تعلّم ما يحتاج إليه في سفره.
فإن كان غازياً تَعَلَّمَ ما يَحتاج إليه الغازي من أمور القتال والدعوات وأمور الغنائم، وتعظيم تحريم الهزيمة في القتال وغير ذلك.
وإن حاجّاً أو معتمراً تعلَّمَ مناسكَ الحجّ أو استصحبَ معه كتاباً بذلك، ولو تعلَّمها واستصحبَ كتاباً كان أفضل.
وكذلك الغازي وغيره، ويُستحبّ أن يستصحبَ كتاباً فيه ما يحتاج إليه، وإن كان تاجراً تعلَّم ما يحتاج إليه من أمور البيوع ما يصحّ منها وما يَبطل، وما يحلّ وما يَحرم ويُستحبّ ويكره ويباح، وما يَرجحُ على غيره.
وإن كان متعبِّداً سائحاً معتزلاً للناس، تعلَّم ما يحتاج إليه في أمور دينه، فهذا أهمّ ما ينبغي له أن يطلبه.
وإن كان ممّن يصيدُ تعلَّم ما يحتاج إليه أهلُ الصيد، وما يحلّ من الحيوان وما يَحرمُ، وما يحلُّ به الصيد وما يَحرم، وما يشترط ذكاتُه، وما يكفي فيه قتل الكلب أو السهم وغير ذلك.
وإن كان راعياً تعلَّم ما يحتاج إليه مما قدَّمناه في حقّ غيره ممّن يعتزل الناس، وتعلَّم ما يحتاج إليه من الرفقِ بالدّوابّ وطلب النصيحة لها ولأهلها، والاعتناء بحفظها والتيقّظِ لذلك، واستأذنَ أهلَها في ذبح ما يحتاجُ إلى ذبحه في بعض الأوقات لعارض، وغير ذلك.
وإن كان رسولاً من سلطان إلى سلطان أو نحوه اهتمَّ بتعلّم ما يحتاج إليه من آداب مخاطبات الكبار، وجوابات ما يَعرض في المحاورات، وما يحلُّ له من الضيافات والهدايا وما لا يَحلّ، وما يَجب عليه من مراعاة النصيحة وإظهار ما يُبطنه وعدم الغشّ والخِداع والنفاق، والحذر من التسبّب إلى مقدمات الغدر أو غيره مما يحرم وغير ذلك.
وإن كان وكيلاً أو عاملاً في قراض أو نحوه تعلَّم ما يَحتاج إليه مما يَجوز أن يشتريه وما لا يجوز، وما يَجوز أن يبيعَ به وما لا يجوز، وما يجوز التصرّف فيه وما لا يجوز، وما يُشترط الإِشهاد فيه، وما يجب وما يشترط فيه ولا يجب، وما يجوز له من الأسفار وما ولا يجوز.
وعلى جميع المذكورين أن يتعلَّم مَن أراد منهم ركوبَ البحر الحالَ التي يجوز فيها ركوبَ البحر، والحال التي لا يجوز، وهذا كلُّه مذكور في كتب الفقه لا يليق بهذا الكتاب استقصاؤه، وإنما غرضي هنا بيانُ الأذكار خاصة، وهذا التعلّم المذكور من جملة
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 215