اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 192
أكثرها خوفاً من طول الكتاب، وحصول السآمة على مُطالِعِهِ، فإن هذا البابَ طويلٌ جداً، فلهذا أسلُك فيه الاختصار إن شاء الله تعالى.
فأول ذلك: إذا أراد الإِحرام اغتسل وتوضأ ولبس إزاره ورداءه [1] ، وقد قدمنا ما يقوله المتوضئ والمغتسل، وما يقول إذا لبس الثوب، ثم يُصلِّي ركعتين، وتقدمت أذكار الصلاة، ويُستحبّ أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة (قُلْ يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو اللَّهُ أحَدٌ) فإذا فَرغَ من الصلاة استحبّ أن يدعوَ بما شاء، وتقدَّم ذكرُ جُملٍ من الدعواتِ والأذكار خلفَ الصلاة، فإذا أراد الإِحرام نواه بقلبه.
ويُستحبُّ أن يساعدَ بلسانه قلبه [2] ، فيقول: نويتُ الحجَّ وأحرمتُ به لله عز وجل، لبّيك اللَّهمَّ لبّيك ... إلى آخر التلبية.
والواجب نيّة القلب، واللفظ سنّة، فلو اقتصرَ على القلب أجزأه، ولو اقتصر على اللسان لم يجزئه.
قال الإِمام أبو الفتح سُليم بن أيوب الرازي: لو قال يعني بعد هذا: اللَّهمّ لك أحرم نفسي وشعري وبشري ولحمي ودمي، كان حسناً (3) .
وقال غيره: يقول أيضاً: اللهمّ إني نويت الحجّ فأعنّي عليه وتقبله مني، ويلبّي فيقول:
552 - لبيكَ اللَّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلْك، لا شريك لك، هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُستحبّ أن يقولَ في أوّل تلبية يلبّيها: لبّيك اللَّهمّ بحجة، إن كان أحرم بحجة، أو لبّيك بعمرة، إن كان أحرم بها، ولا يُعيد ذكرَ الحجّ والعمرة فيما يأتي بعد ذلك من التلبية على المذهب الصحيح المختار.
واعلم أن التلبيةَ سنّةٌ لو تركها صحّ حجّه وعمرتُه ولا شئ عليه، لكن فاتته الفضيلةُ العظيمة والاقتداء برسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصحيح من مذهبنا ومذهب جماهير العلماء، وقد أوجبها بعضُ أصحابنا، واشترطَها لصحة الحجّ بعضُهم، والصوابُ الأوّل، لكنْ [1] قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": أي لصحة ذلك عنه صلى الله عليه وسلم فعلاً، روى الشيخان " أنه صلى الله عليه وسلم أحرم في إزار ورداء " أو قولاً رواه أبو عوانة في " صحيحه " ولفظه " ليُحرم أحدكم في إزاره ورداء ونعلين "، والسنة كون الإِزار والرداء أبيضين، ويُسنّ كونهما جديدين نظيفين، وإلا فنظيفين، ويُكره المتنجس الجافّ والمصبوغ كله أو بعضه، ولو قبل النسج على الأوجه، أما المعصفر والمزعفر فيتعين اجتنابهما. [2] قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": ويستدل لخصوصية الإحرام باللسان بما أخرجه الشافعي عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قالت عائشة: يا ابن إخي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول، قالت: اللهم الحج أردت، وإليه عمدت، فإن يسر ته لي فهو الحج. [1] قال الحافظ: ما ذكره الشيخ - يعني النووي - عن سُليم بن أيوب وغيره لم أر له سلفا.
(*)
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 192