اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 113
ابتداء الدعاء بحمد الله وتمجيده، فسيأتي دليلُه من الحديث الصحيح قريباً في " كتاب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن شاء الله تعالى.
[فصل] :
يُستحبّ حمدُ الله تعالى عند حصول نعمة، أو اندفاع مكروه، سواء حصل ذلك لنفسه، أو لصاحبه، أو للمسلمين.
328 - وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه، " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أُتيَ ليلة أُسري به بقدحين من خمر ولبن [1] فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريلُ صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك ".
329 -[فصل] :
وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ولد العَبْدِ قالَ اللَّهُ تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم؟ فيقول: فماذا قالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعالى: ابْنُوا لعبدي بَيْتاً في الجَنَّةِ، وسموه بَيْتَ الحَمْدِ " قال الترمذي: حديث حسن.
والأحاديث في فضل الحمد كثيرة مشهورة، وقد سبق في أوّل الكتاب جملة من الأحاديث الصحيحة في فضل: سبحان الله والحمد لله ونحو ذلك.
[فصل] :
قال المتأخرون من أصحابنا الخراسانيين: لو حلف إنسان ليحمدنّ الله تعالى بمجامع الحمد - ومنهم مَن قال: بأجلّ التحاميد - فطريقه في برَ يمينه أن يقول: الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، ومعنى يوافي نعمه: أي يُلاقيها فتحصل معه، ويكافئ، بهمزة في آخره: أي يُساوي مزيدَ نعمه، ومعناه: يقوم بشكر ما زاده من النِعم والإِحسان.
قالوا: ولو حلف ليثنينّ على الله تعالى أحسنَ الثناء، فطريق البرّ أن [1] في صحيح مسلم أن ذلك بإيلياء.
قال المصنف في " شرح مسلم ": وهو بالمد والقصر، ويقال بحذف الياء الأولى، ثم في هذه الرواية محذوف تقديره: أتي بقدحين، فقيل له: اختر أيهما شئت كما جاء مصرحا به.
وقد ذكره مسلم في كتابه " الإيمان " أول الكتاب، فألهمه الله تعالى اختيار اللبن لما أراد سُبْحَانَهُ وَتَعالى مِن توفيق أمته واللطف بها، فلله الحمد والمنة.
قول جبريل إن اللبن كان كذا، أو اختار الخمر كان كذا.
وأما الفطرة فالمراد بها هنا: الإسلام والإستقامة كذا في كتاب الأشربة، وفي باب الإسراء منه معناه، والله أعلم: اخترت علامة الإسلام الاستقامة، وجعل اللبن علامة لكونه سهيلا طيبا طاهرا سائغا للشاربين.
وأما الخمر فإنه أم الخبائث وجالبة لأنواع الشر في الحال والمال، والله أعلم.
(*)
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 113