الأدب الصغير والأدب الكبير - ابن المقفع

اسم الکتاب : الأدب الصغير والأدب الكبير المؤلف : ابن المقفع الجزء : 1 صفحة : 12

الأدب ينمي العقول
وللعقول سجيات وغرائز[1]، بها تقبل الأدب، وبالأدب تسمى العقول وتزكو.
فكما أن الحبة المدفونة في الأرض لا تقدر أن تخلع يبسها، وتظهر قوتها، وتطلع فوق الأرض بزعوتها وزيعها[2]، ونضرتها ونمائها، إلا بمعونة الماء الذي يغور إليها في مستودعها، فيذهب عنها أذى اليبس والموت، ويحدث لها بإذن الله القوة والحياة، فكذلك سليقة[3] العقل مكنونة في مغرزها من القلب: لا قوة لها، ولا حياة بها، ولا منفعة عندها، حتى يعتملها[4] الأدب، الذي هو ثمارها، وحياتها، ولقاحها.
وجل الأدب بالمنطق، وجل المنطق بالتعلم، ليس منه حرف من حروف معجمه، ولا اسم من أنواع أسمائه، إلا وهو مروي، متعلم، مأخوذ عن إمام سابق، من كلام أو كتاب.
وذلك دليل على أن الناس لم يبتدعوا أصولها، ولم يأتهم علمها إلا من قبل العليم الحكيم.
فإذا خرج الناس من أن يكون لهم عمل أصيل، وأن يقولوا قولا

[1] السجيات، الواحدة سجية: الطبيعة والخلق، الغرائز، الواحدة غريزة: الطبيعة.
[2] ريعها: نموها.
[3] السليقة: الطبيعة.
[4] يعتملها: يعملها.

اسم الکتاب : الأدب الصغير والأدب الكبير المؤلف : ابن المقفع الجزء : 1 صفحة : 12

صيغة PDF

شهادة

الفهرست