responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 58
الْمُجْمَلَةَ لَا تُوجِبُ دُخُولَ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الذُّنُوبِ فِيهَا وَلَا تَمْنَعُ دُخُولَهُ كَاللَّفْظِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ الْعَامِّ وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ، وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ مِنْ الدَّاعِيَةِ إلَى بِدْعَتِهِ الْمُضِلَّةِ وَالْقَاتِلِ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ التَّوْبَةُ مِنْ سَائِرِ الذُّنُوبِ مَقْبُولَةٌ خِلَافًا لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ وَلَا الزِّنْدِيقِ ثُمَّ بَحَثَ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ: الزِّنْدِيقُ إذَا ظَهَرَ لَنَا هَلْ يَجِبُ أَنْ نَحْكُمَ بِإِيمَانِهِ الظَّاهِرِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَافِرًا؟ قَالَ وَلِأَنَّ الزَّنْدَقَةَ نَوْعُ كُفْرٍ فَجَازَ أَنْ تُحْبَطَ بِالتَّوْبَةِ كَسَائِرِ الْكُفْرِ مِنْ التَّوَثُّنِ، وَالتَّمَجُّسِ وَالتَّهَوُّدِ، وَالتَّنَصُّرِ وَكَمَنْ تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ إذَا أَتَى مَعْصِيَةً وَتَابَ مِنْهَا وَقَالَ:
وَلَيْسَ الْوَاجِبُ عَلَيْنَا مَعْرِفَةَ الْبَاطِنِ جُمْلَةً وَإِنَّمَا الْمَأْخُوذُ عَلَيْنَا حُكْمُ الظَّاهِرِ فَإِذَا كَانَ لَنَا فِي الظَّاهِرِ حُسْنُ طَرِيقَتِهِ، وَتَوْبَتِهِ وَجَبَ قَبُولُهَا وَلَمْ يَجُزْ رَدُّهَا لِمَا بَيَّنَّا وَإِنَّ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ تَتَعَلَّقُ بِهَا، وَلَمْ أَجِدْ لَهُمْ شُبْهَةً أَوْرَدُوهَا إلَّا أَنَّهُمْ حَكَوْا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَتَلَ زِنْدِيقًا وَلَا أَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا رَأَى قَتْلَهُ لِأَنَّهُ سَاعٍ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ سَاغَ لَهُ ذَلِكَ.
فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ تَوْبَتُهُ لَمْ تُقْبَلْ بِدَلَالَةِ أَنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ وَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ إسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهُمْ فَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَسْقُط الْقَتْلُ لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ.
وَلَعَلَّ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنَى بِقَوْلِهِ: لَا تُقْبَلُ فِي غَيْرِ إسْقَاطِ الْقَتْلِ فَيَكُونُ مَا قَبْلَهُ هُوَ مَذْهَبُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً.
وَقَالَ أَيْضًا: وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ لَعَلَّ أَحْمَدَ تَعَلَّقَ بِأَنَّ فِيهِ حَقَّ آدَمِيٍّ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّوْبَةِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ فَالتَّوْبَةُ تُسْقِطُ مَا يَثْبُتُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَبْقَى ظُلْمُ الْآدَمِيِّ وَمُطَالَبَتُهُ عَلَى حَالِهَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّوْبَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ هُوَ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ كَمَنْ قَالَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُبْتَدِعِ.
نَحْنُ لَا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِمَظَالِمِ الْآدَمِيِّينَ وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ هَذَا صِحَّةَ التَّوْبَةِ كَالتَّوْبَةِ مِنْ السَّرِقَةِ، وَقَتْلِ النَّفْسِ، وَغَصْبِ الْأَمْوَالِ صَحِيحَةً مَقْبُولَةً، وَالْأَمْوَالُ وَالْحُقُوقُ لِلْآدَمِيِّ لَا تَسْقُطُ وَيَكُونُ هَذَا الْوَعِيدُ رَاجِعًا إلَى ذَلِكَ، وَيَكُونُ نَفْيُ الْقَبُولِ عَائِدًا إلَى الْقَبُولِ الْكَامِلِ، وَمِنْ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَذَكَرَ أَنَّهُ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ أَخِيهِ.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ سُئِلَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست