responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 50
[فَصْلٌ فِي مُدَارَاة مِنْ يُتَّقَى فُحْشه]
فَصْلٌ (وَيَجِبُ كَفُّ يَدِهِ وَفَمِهِ وَفَرْجِهِ وَبَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ عَمَّا يَحْرُمُ، وَيُسَنُّ عَمَّا يُكْرَهُ)
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَضْطَرَّهُ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إنَّا لَنُكَشِّرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ. وَمَتَى قَدَرَ أَنْ لَا يُظْهِرَ مُوَافَقَتَهُمْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَذَكَرَهُ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا لَيْسَ فِيهِ مُوَافَقَةٌ عَلَى مُحَرَّمٍ وَلَا فِي كَلَامٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ طَلَاقَةُ الْوَجْهِ خَاصَّةً لِلْمَصْلَحَةِ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ قَالَ يَا عَائِشَةُ إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ النَّاسُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ» .
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: فِيهِ مُدَارَاةُ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ وَلَمْ يَمْدَحْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَثْنَى عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ وَلَا فِي قَفَاهُ إنَّمَا تَأَلَّفَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا مَعَ لِينِ الْكَلَامِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَلَامَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي فَضْلِ حُسْنِ الْخُلُقِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ لَمَّا تَخَلَّفَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ كَانَ يَجِيءُ وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الْهَدْيِ وَمِنْهَا: أَنَّ التَّبَسُّمَ يَكُونُ عَنْ الْغَضَبِ كَمَا يَكُونُ عَنْ التَّعَجُّبِ وَالسُّرُورِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجِبُ انْبِسَاطَ دَمِ الْقَلْبِ وَثَوَرَانَهُ، وَلِهَذَا تَظْهَرُ حُمْرَةُ الْوَجْهِ لِسُرْعَةِ فَوَرَانِ الدَّمِ فِيهِ فَيَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ السُّرُورِ، وَالْغَضَبِ تَعَجُّبٌ يَتْبَعُهُ ضَحِكٌ أَوْ تَبَسُّمٌ فَلَا يَغْتَرُّ الْمُغْتَرُّ بِضَحِكِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ كَمَا قِيلَ
إذَا رَأَيْتَ نُيُوبَ اللَّيْثِ بَارِزَةً ... فَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَّيْثَ يَبْتَسِمُ

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست