responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 381
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سُنَّةٌ كَانَتْ كَذَلِكَ أَوْ أَوْلَى لِشُهْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ هُنَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَأَمَّا مَعَ السُّنَّةِ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَدِّمِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، ثُمَّ هَلْ يَجِبُ رَدُّ ذَلِكَ؟ بِتَوَجُّهِ أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ اتِّبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّهُ يَجِبُ فَإِنَّهُمْ خَصُّوا الْوُجُوبَ بِرَدِّ السَّلَامِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِرَدِّ السَّلَامِ وَإِفْشَائِهِ يَخُصُّهُ فَلَا يَتَعَدَّاهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ إلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَذَهَبَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» فَظَاهِرُ هَذَا الْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا سِوَى هَذَا لَيْسَ بِتَحِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ تَسْوِيَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ السَّلَامِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي الْمَنْعِ أَنَّهُ يَجِبُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ التَّحِيَّةِ وَالدُّعَاءِ وَالْإِكْرَامِ أَوْ أَوْلَى كَمَا سَبَقَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ مَأْخَذِ عَدَمِ الْوُجُوبِ مِمَّا سَبَقَ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَعَمِلُوا بِهِ فَكَانَ أَوْلَى وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] .
وَمِثْلُ هَذَا تَحِيَّةٌ لِوُرُودِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ وَحَمَلَةِ الشَّرْعِ، وَلِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِذَلِكَ وَالْأَصْلَ التَّقْرِيرُ وَعَدَمُ التَّغْيِيرِ عَلَى مَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ، إلَّا أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ السَّلَامُ وَالدُّعَاءُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] .
قَالَ مُقَاتِلٌ وَعُمَرُ وَابْنُ مُرَّةَ: تَرْكُ الْمُكَافَأَةِ مِنْ التَّطْفِيفِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَلَمْ يَنُصَّ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا يُخَالِفُهُ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ» وَإِخْرَاجُ مَسْأَلَتِنَا مِنْ ظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَوَامِرِ دَعْوَى تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الرَّدِّ لَا سِيَّمَا مَعَ التَّكْرَارِ عَدَاوَةً وَشَنَآنًا وَوَحْشَةً وَنَفْرَةً عَلَى مَا لَا

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست